http://www.elshami.com

papyrus
البُرِديّ

نبات من الفصيلة السعدية  Cyperaceae يصنف تحت جنس Cyperus من نوع  Cyperus papyrus. وهذا النبات ينمو في المستنقعات، حيث ازدهر في وادي النيل بمصر القديمة، كما وجد على شواطى نهر الفرات بسوريا. أما الآن فينمو على شواطىء النيل الأبيض والنيل الأزرق وفي جزيرة صقلية حيث جلبه السوريون إلى تلك الجزيرة أبان حكم العرب لها. هذا النبات بسيقانه المثلثة والتي يصل سمكها إلى رسغ يد الإنسان والذي ينمو الى ارتفاع عشرة أقدام (ثلاثة أمتار)، كان المادة الأساسية الخام لصناعة مواد كثيرة من بينها الحبال وقلوع المراكب والحصر والنعال أما أزهاره البنية فكانت تصنع منها الأكاليل التي تعلق في مدافن قدماء المصريين. كما استخدم في صناعة مادة أخرى هامة جـدا وهـي مـادة الكتـابة المسماة بنفس الاسم (البردى).
أما نشأة صناعة البردى في مصر فهي غير معروفة، ولكن وجدت بردية في أحد المدافن المصرية التى يرجع تاريخها إلى الأسرة الأولى، حوالي (3100 ق. م). وخلال العصور الفرعونية كانت المعابد تتحكم في صناعته، أما في أثناء حكم البطالسة فقد تحكم فيه الملوك. وقد استمر البردى مادة رئيسية للكتابة خلال الإمبراطورية الرومانية، ولكن بحلول القرن الثالث بعد الميلاد بدأ البرشمان 
parchment  في الإحلال محل البردى نظرا لرخص أسعاره وقوة تحمله. ولكن البردى استمر في الاستخدام لكتابة الوثائق الرسمية في العصر الميروفنجي (550 - 750) والبيانات البابوية حتى القرن الحادي عشر.
ومن خلال وصف بليني
 Pliny the Elder (القرن الأول الميلادي) أثناء فحصه للبرديات القديمة والإضافة إلى التجارب الحديثة أمكن معرفة خطوات صناعته. إذ كانت أعواده تكسر إلى قطع طولها حوالي 18 بوصة (46 سم)، ثم يكشط اللحاء أما الجزء الباقي (اللب) فكان يقطع طوليا إلى شرائح رقيقة ثم تطرح الشرائح فوق سطح صلب في طبقتين حيث كانت احدى الطبقات توضع بزاوية قائمة فوق الطبقة الأخرى مع ملاحظة تلامس الشرائح بعضها ببعض في كل طبقة. وكانت الشرائح تضغط وتدق حيث تعمل عصارة النبات اللزجة النشوية على لصق الطبقتين والشرائح معا. وكانت الحواف تشذب بعد ذلك كما كان السطح يصقل باستخدام حجر ناعم أر صدفة ناعمة. وبهذا كان في الإمكان إنتاج عدة درجات تترواح بين ورق الكتابة وورق التغليف. وكانت افرخ البردى تلصق معا في لفائف volumen  يحتوي بعضها على 20 فرخ. أما السطح الذي كان نسيجه يمتد بموازاة الهامش الطولي فكان الى الداخل في اللفة ويبدأ به عند الكتابة. اما ظهر أول فرخ في اللفافة (السطح الخارجي عند اللف) فكان يقوى شريحة رقيقة، وكان عرض الفرخ حوالي 10 بوصة كما كان طوله يصل   18.5  بوصة (47 سم). وكانت اللفائف تلصق مع بعضها إذا أريد طول أكبر من ذلك. أما اطول بردية معروفة فهي Papyrus Harris No 1 في المتحف البريطاني بلندن ويرجع تاريخها إلى الأسرة العشرين ويصل طولها الى  133 قدم (40.5 متر).

وقد أطلق على البردى عدة أسماء طبقا لمقاساتها. فاكبر مقاس "سمى الامبراطوري " وهو من أجود الأنواع حيث كان يستعمل في كتابة الخطابات بواسطة الطبقة الراقية من الرومان. أما الصنف الثاني فقد أطلق عليه الرومان اسم (ورق ليفيان  Livian) سمي بعد  Livia زوجة الامبراطور أوغسطس، وكانت مقاسات الفرخ 12 بوصة، أما الصنف الثالث فسمى " الكهنوتي sacerdotal" وكان مقاس الفرخ 11 بوصة. وقد احتكر المصريون صناعته حتى أنهم كانوا يضعون الأختام على كل فرخ تصديقا بصحة صناعته في مصر. أما البردى الذي وجد في أوروبا فكان يستورد من مصر حتى القرن العاشر. ولكن هذا الاحتكار بدأ في الإنكسار عندما بدأ البرشمان في الإحلال محله بالتدريج، كما أن اكتشاف صناعة الورق أثرت على تجارة البردى حيث بدأ يقل الطلب عليه، بالإضافة إلى أن صناعة الورق في مصر بدأت حوالي سنة 600، من القطن. وقد وجدت في فرنسا مخطوطات مكتوبة على البردى ويرجع تاريخها إلى القرن الثامن، وبعد اضمحلال صناعته في مصر استمرت صناعته في جزيرة صقلية للاستخدام البابوي ولكنه لم يكن في جودة البردى المصري كما يتضح من البيانات البابوية المكتوية على البردى. ومعظم مجموعات البرديات موجودة في متاحف أوروبية في فيينا ولندن وباريس وبرلين وليننجراد، بالاضافة الى المجموعات الموجودة في المتحف المصري. وهناك البردية الطبية التي اكتشفت في Ebers وهي موجودة في متحف ليبزج وطوله  ا65 قدما. أما الكتابات التي وجدت فكانت تضم المصرية القديمة واليونانية واللاتينية والعبرية والعربية والسريانية. وكان من الصعب وضع البردى في صورة كتب codex تتألف من صفحات ولهذا فإن معظم ما وجد منه كان في شكل لفائف volumen . ولكن في فترة حكم الأسرة الميروفنجية تم وضع أوراق البردى في صورة كتب كما وضع فرخ برشمان بين الملازم لتقويتها.
لقد أدى اكتشاف أعداد كبيرة من البردى في منتصف القرن التاسع عشر الى العناية به ودراسته فيما أطلق عليه اسم علم دراسة البرديات
papyrology  كفرع من الدارسات التاريخية. كما أدّت دراسة البرديات القديمة الى استعادة العديد من الأعمال المفقودة لكبار الكتاب مثل دستور الأثينيين لأرسطو، ومسرحية كاملة كان قد كتبها Menander، وخطب  Hyperides وأجزاء من أعمال أخرى كثيرة تشتمل على أشعار  Sappho. كما توصل الباحثون أيضا إلى معرفة الكثير عن أشعار وعادات وتقاليد قدماء المصريين. ولأمثلة على البرديات، اضغط هنا.

See also paperparchment; vellum