---

هناك أنواع عديدة من الحشرات التي تهاجم الكتب والمخطوطات والمواد المحفوظة في المكتبات والأرشيفات والمعارض مثل الأقمشة والجلود وما إليها، وخصوصا في المناطق الحارة، مما يجعل الكتب المخطوطات والمواد النادرة التي لا يمكن تعويضها عرضة للتلف والفساد. والمهاديات incunabula أو كتب أوائل الطباعة التي وصلت إلينا مليئة بالثقوب التي أحدثتها ديدان الكتب bookworms بدءا بالأغلفة التي كانت مصنوعة من الخشب ومتغلغلة في أوراق الكتب، هي أمثلة معروفة على ما يمكن أن تحدثه الحشرات بالمواد المحفوظة بالمكتبات وخصوصا إذا لم تتخذ الإجراءات لمنع تلك الحشرات من الوصول إلي مناطق تخزين الكتب والمخطوطات والمنسوجات وما إليها.

 

 

دودة الكتب

 

الثقوب التي يمكن أن تحدثها الديدان في الكتب

 

 

 

 

 

 

 

وقد أورد أرسطو منذ 2200 سنة في كتابه عن تاريخ الحيوان:

(Chapter 22, book V of his Historia Animalium)

وصفا لبعض الديدان والحشرات الصغيرة عديمة الذيل والتي تشبه العقرب التي كانت تهاجم الكتب في تلك الفترة. والحشرة التي تشبه العقرب التي ذكرها أرسطو قد تكون عقرب الكتب book scorpion (Chelifer cancroides).

 أما بليني Pliny الذي جاء بعد أرسطو بثلاثمائة سنة، فقد ذكر قليلا عن حشرات الكتب. ولكن بدأ الحديث عن تلك الحشرات في القرون الوسطى عندما وصف Robert Hooke عام 1665 في كتابه Micrographia دودة الكتب bookworm على أنها حشرة فضية صغيرة لامعة، وأورد رسما لها يشبه الحشرات من نوع السمكة الفضية silverfish, or Lepisma, or fish-moth. وهناك العديد من علماء الحشرات الذين تحدثوا عن تلك الحشرات في كتاباتهم، ومنهم:

William Blades in the Enemies of Books

Holbrook Jackson in his Anatomy of Bibliomania

كما أن هناك بعض المؤلفين الذين كتبوا أعمالا عن حشرات الكتب، ومنهم:

C. Houlbert, Les insectes ennemis des livres (Paris, 1903)

Arturo Scarone, El libro y sus enemigos (Montevideom 1917).

وفي 1774 عرضت Royal Society of Gottingen جائزة لمن يقدم أحسن الطرق لمكافحة الحشرات في المكتبات. وقد حصل المؤلف Houlbert على جائزة Marie Pellechet  عن كتابه الحشرات أعداء الكتب أو Les insectes ennemis des livres. وكانت تلك الجمعية مهتمة بمعرفة الحشرات التي تهاجم الكتب والوثائق والمواد التي تصنع منها، مثل الجلد والغراء والخشب، والورق، الخ. وكذلك كيفية مكافحتها. كما حصل أيضا بعض علماء الحشرات على جوائز في ذلك المجال، منهم:

Dr. Herman of Strasbourg and Mr. Flad

أما Matthias Koops فقد قدم بعض التوصيات في كتابه Historical Account of the Substances which have been used to Describe Events, and to Convey Ideas, from the Earliest Date to the Invention of Paper (London, 1801).

فقد أوصى Koops:

• بالتوقف عن تجليد الكتب بأغلفة خشبية

• أن يستخدم مجلدو الكتب غراء مخلوط بالشبة بدل العجائن

• دهان الخشب الذي تعرض للديدان بالزيت أو ورنيش اللك

• وللمحافظة على الكتب المجلدة بجلد العجول، يجب دهانها بطبقة خفيفة من ورنيش اللك

• التوقف عن وضع الكتب مسطحة على الرفوف

• أن يتوقف المجلدون عن استخدام الصوف في التجليد وأن يضعوا طبقة من الشمع على خيوط التجليد

• وأن تزال الأتربة من على الكتب دائما

• ودهان الرفوف بطبقة من ورنيش اللك

وبعض الحشرات تتكاثر في الأماكن المظلمة أو ذات الرطوبة العالية. وفيما يلي بعض حشرات الكتب التي يمكن أن تهاجم المكتبات والأرشيفات والمعارض.

 

قمل الكتب

book lice (Psocids, Troctes divinatoria)

توجد في الكتب العتيقة والرطبة، وهي حشرات سريعة الحركة شاحبة أو عديمة اللون، بدون أجنحة، تشبه القملة وطولها أقل من المليمتر، وتنتمي لعائلة  Psocidae التي ينتمي إليها عدد من الأنواع الأخرى من الحشرات المنزلية والتي يمكن أن تعيش أيضا على لحاء الشجر وعلى جدران المباني. والكثير من تلك الحشرات التي تعيش خارج المباني يكون لها أجنحة. وهي تتميز بالعض حيث أن لها فكاك كاملة. أما الأنواع التي تعيش بالمنازل، فأجسامها طرية. وتتغذي على المواد الحيوانية والخضروات، بما فيها عجائن النشا التي كانت تستخدم في أغلفة الكتب، وورق الحائط، والصور. كما تتغذى أيضا على الفتات وتتوالد في المراتب المحشية بالقش. ولا ترى هذه الحشرات في الأماكن التي يدخلها الضوء أو في الكتب التي تستعمل بكثرة. وتضع الأنثي حوالي 57 بيضة تفقس بعد  6.9 يوما ومتوسط عمرها حوالي 24 - 38  يوما.

ومثل تلك الحشرات الضعيفة لا تعتبر خطرا جسيما، إلا أنه إذا لوحظ وجودها، فالنظافة العامة وحسن التهوية والإضاءة كفيلة بالقضاء عليها. وكذلك فرفع درجة الحرارة إلى 140 فهرنهايت أي 60 مئوية لمدة أربع ساعات متواصلة كفيل بالقضاء عليها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                                                                                   

العثة  moths

هناك عدة أنواع تهاجم الكتب وخصوصا الجلد والقماش. واليرقات طولها حوالي 1/16 بوصة عند الفقس ولكنها تصل إلى ثلث بوصة في الحشرة اليافعة ولونها مقارب للأبيض. وقلما توجد تلك الحشرة في المكتبات جيدة التهوية والنظافة.

 

دود الكتب bookworms

دودة الكتب هي في الواقع يرقة نوع من أنواع الخنافس. وتضع هذه الدودة بيضها على حواف الكتب. وعند الفقس تتوغل يرقاتها في الكتب وتأكل الورق في طريقها تاركة أنفاقا ضيقة صغيرة. وأكثرها ضررا الخنفس المسمى drugstore beetle (Sidodrepa panicae) التي تتغذى على الكتب والأوراق بشراهة، وهي التي هاجمت مكتبة هنتنجتون Huntington Library في الثلاثينات من القرن العشرين. وشكلها اسطواني وطولها حوالي 0.01 من البوصة. واليرقات بيضاء ومقوسة وأجزاء الفم غامقة. وهي تأكل الكتب قبل أن تتحول إلى خنافس بعد 15 يوما.

 

وهناك اصناف اخرى منها:

الخنفس العنكبوتي spider beetle (Ptinus fur)

وآكلة اللحوم  larder beetle (Dermestes lardarius)

 

insects-larder-beetle-larva

التي هاجمت مكتبة Georgetown Library. وهي تأكل المواد الحيوانية مثل لحم الخنزير والجبن، وتتواجد في مخازن اللحوم وفي شعر الخيل وشمع العسل المجفف والجلود. وهي تتغذى أيضا على أغلفة الكتب وخاصة إذا كانت مصنوعة من الجلد. ولونها بني غامق مع وجود حلقة صفراء على غطاء الأجنحة وطولها حوالي ثلث بوصة. وتصل إلى أكبر حجم لها بعد حوالي شهر ونصف.

 

 

الأرضة أو النمل الأبيض

Termites (reticulitermes flavipes or "Reticulitermes" - Sothern Termite)

يكون لون الشغالة أبيض ورأسها غامق وطولها بين 4.5 - 7 مليمتر. أما الجنود فلونهم أبيض أو بني والرأس كبير وبني، والطول يصل بين 4.5 - 8 مليمتر. والحشرات ذات الأجنحة يكون لون أجسامها بني غامق أو أسود ولون أجنحتها رمادي وتصل في الطول بين 8 - 12  مليمتر. وهو حشرات تحفر أنفاقا في الخشب وتعيش في الظلام. وعلى الرغم من تسميتها بالنمل الأبيض إلا أنها ليست نملة ولا هي بيضاء اللون. وتبني الأرضة بيوتها في الأرض وكتل الخشب وتعيش في مستعمرات. وغذاؤها يتألف من السليلوز والحشائش والنباتات الجافة والخشب والأعمال الخشبية والكتب والملفات والصور وبطاقات الكتب. ويمكن معرفة تواجدها إذا رأيت نخالة خشب أو أنفاقا في الكتب أو الخشب أو أرضا ميتا ذا أجنحة قريبا من الخشب أو الكتب وكذلك إذا رأيت أسرابا من الأرض المجنح. وهناك بعض الكلاب المدربة على معرفة تواجد تلك الحشرات. ويجب حماية المبنى من تلك الحشرات باستخدام المبيدات الكيماوية بواسطة المتخصصين في استعمال تلك المبيدات.

وقد توقفت حاليا طريقة تبخير المبانى والحجرات المصابة التي كانت تستخدم في السبعينات من القرن العشرين للتخلص من الحشرات والفطريات التي تهاجم الكتب. فقد وجد أن هذه الطريقة تشكل خطرا على صحة الناس وخصوصا أن بعض بقايا الكيماويات المستخدمة يعلق بالكتب والأوراق مما يشكل خطرا على كل من يستخدم الكتب بعد عملية التبخير وكذلك على الموظفين العاملين في المبنى. والوسيلة الفعالة هي منع المشكلة من الأساس بتحسين التهوية وتخفيض نسبة الرطوبة.

 

عمليات التجميد  Freezing

في أواخر السبعينات من القرن العشرين، لاحظ أحد العاملين بمكتبة جامعة ييل Yale وجود بعض الخنافس الصغيرة الميتة ونخالة خشب على رف من رفوف الكتب. واتضح أن هذه الحشرات هي من نوع species خنفساء الموت  deathwatch beetle الشائعة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ولكنها كانت غير معروفة لموظفي المكتبة. وكانت تلك الخنافس قد انتقلت إلى المكتبة مع مجموعة من الكتب التي وردت من تلك المنطقة.

استعانت المكتبة بأحد المتخصصين في علم الحشرات من متحف الجامعة  Peabody Museum  وهو  Charles L. Remington  لمساعدتها على التخلص من تلك الحشرات. وقد نصح  Remington  بتجميد الكتب، وبدأ بأول الكتب المصابة  (167 مجلد)، ثم بجميع الكتب الموجودة بالدور بأكمله ثم شملت عملية التجميد المكتبة كلها بعد ذلك.

عبئت الكتب في أكياس بلاستيك ووضعت في غرفة أنشئت لهذا الغرض في البدروم. وبقيت الكتب 72 ساعة في درجة حرارة تحت العشرين فهرينهات. وبعد ذلك اختفى أثر تلك الحشرة من المكتبة. وهذه الطريقة أفضل بكثير من استخدام المبيدات التي كانت ستحتاج إلى إخلاء المبنى أثناء التبخير والرش. وعملية التجميد السريع كانت لا تزال في مرحلة التجريب في ذلك الوقت، وقد حلت مشكلة مكتبة ييل. وتستخدم حاليا مع إضافة خطوة أخرى وهي تجميد الكتب مرتين، فالدورة الأولى للتجميد كافية لقتل 90% من اليرقات أما الدورة الثانية فهي تتبع الدورة الأولى بعد أن تعود درجة حرارة الكتب لدرجة الحرارة العادية. والدورة الثانية كفيلة بقتل اليرقات الباقية. وعمليات التجميد تبحث في المعهد الكندي للحفط والصيانة  Canadian Conservation Institute. وهناك بعض الطرق الأخرى التي يبحثها المتخصصون في معاهد كثيرة لحفظ الأوراق والكتب.

  

 

 

 

  

 

 

القوارض Rodents

تتسبب القوارض في أضرار كثيرة للكتب والورق. والمكتبات والأرشيفات الموجودة في المباني القديمة عرضة للقوارض أكثر من المباني الجديدة التي تكون أكثر حصانة ضد دخول القوارض. وتستخدم المصائد ووسائل اصطياد الفيران الأخرى للإمساك بها. والعمل التالي الذي نشر عام 1987  يقدر عدد الكتب التي تهاجمها القوارض بحوالى 20% من الكتب الموجودة في العالم.

 

Parker, Thomas (1987). Integrated pest management for libraries. Preservation of Library Materials, ed. Merrily Smith, vol 2 (Munich, New York: Saur, 103.

 انظر أيضا:  AIC - American Institute for Conservation of Historic and Artistic Works