http://www.elshami.com

information science
علم المعلومات

 العلم الذي يهتم بدراسة خصائص وسلوك المعلومات، وإنشائها واستخدامها، والقوى التي تتحكم في انسيابها وإداراتها ووسائل معالجتها وتجهيزها لأقصى درجة من الوصول والاستخدام. ويشمل التجهيز انتاج المعلومات وبثها وتجميعها وتنظيمها واختزانها واسترجاعها وتفسيرها واستخدامها. ومجال العلم مشتق من أو متصل بالرياضيات والمنطق واللغويات وعلم النفس وتكنولوجيا المعلومات والحاسبات وبحوث العمليات والاتصالات وعلم المكتبات والإدارة وبعض العلوم والمجالات الأخرى.
وأقدم استخدام رسمي لمصطلح "علم المعلومات" بدأ عندما اجتمع بعض العاملين في مجال المعلومات في الجمعية الملكية للفنون في لندن Royal Society of Arts في 22 يناير 1958 لإنشاء معهد علماء المعلومات Institute of Information Scientists بعد اجتماعات تمهدية سبقت هذا الاجتماع بما يقرب من أربع سنوات (1). فقد كانت هناك أصوات من العاملين في مجال المعلومات في الخمسينيات من القرن العشرين تدعو إلى إنشاء منظمة للعاملين في المعلومات والمكتبات في مجال العلوم والتكنولوجيا وخاصة هؤلاء المتخصصين في عمليات المعلومات من ذوي الكفاءات العلمية scientific qualifications. وكانت هناك حاجة إلى إنشاء منظمة تعكس مجال اهتماماتهم، ويكون من بين أهدافها تعليم وتدريب العاملين في تجهيز وبث المعلومات، وتحديد المستوى العلمي لعلماء المعلومات information scientisits، خصوصا بعد أن رفض أعضاء الأسلب (جمعية المكتبات المتخصصة ومكتب المعلومات ASLIB (the Association of Special Libraries and Information Bureaux) إنشاء قسم تابع لها يضم علماء المعلومات.

وكان من أهداف هذا المعهد إظهار أهمية الدراسات العلمية للمعلومات والعمليات المتعلقة بالاتصالات العلمية بين العلماء. وكان من أنشط ممن كان يدعو إلى إنشاء هذا المعهد
James Farradane (1906-1989) الذي كان يعقد اجتماعات منذ 1954 مع بعض المهتمين بالمعلومات العلمية في ذلك الوقت. وكان استخدام المصطلح: علماء المعلومات information scientists، يهدف إلى تمييز علماء المعلومات عن علماء المعامل laboratory scientists، حيث كان الاهتمام الرئيسي لأعضاء المعهد هو إدارة وتنظيم المعلومات العلمية والتكنولوجية (2).

 

ويرجع الفضل إلى Farradane لبدء تدريس علم المعلومات في Northampton College of Advanced Technology  التي تغير اسمها بعد ذلك إلى City University. وقد اقتصرت عضوية معهد علماء المعلومات على العلماء العاملين في مجال المعلومات فقط. ويحدد Cooper العمل في مجال المعلومات كما ورد في بنود لائحة المعهد على أنه:

 

“the collection collation evaluation and organized dissemination of scientific and technical information”

 

أي: "التجميع والموازنة [المقارنة بين النصوص] والتقويم والبث المنتظم للمعلومات العلمية والتكنولوجية".

(لاحظ عدم استخدام فواصل في النص الانكليزي شأن معظم النصوص القانونية).

 

وبناء على هذا التعريف، لم يسمح للعاملين بالمكتبات بالعضوية في هذا المعهد، حيث يقول Cooper:

"عند النظرة الأولى قد نعتقد أن مهنة المكتبات هي مثال واضح على العمل في المعلومات - فالمكتبات تقوم حقا بالتجميع والموازنة [المقارنة بين النصوص]  - ولكن مهنة المكتبات الخالصة وحدها لم يقبلها المعهد كعمل في المعلومات؛ إذ أن التأكيد ينصب دائما على الجانب النشط للتقويم والبث القائم على التمييز." (3 ص. 5)
وكان للعضوية شرطان: أن يكون العضو متخصصا في أي حقل علمي، وأن يكون عاملا في حقل المعلومات. وفي الذكرى المئوية لجمعية المكتبات البريطانية عام 1974، ذكر Dr. Hookway رئيس معهد علماء المعلومات في ذلك الوقت في كلمته أن المهنة بدأت تتحلل بسبب تعدد المعاهد والجمعيات التي تتناول المعلومات وأن الوقت قد حان لاتحاد الهيئات الثلاث: جمعية المكتبات Library Association، والأسلب ASLIB، ومعهد علماء المعلومات The Institute of Information Scientists بدلا من عزلة تلك الهيئات عن بعضها، وهو ما كان يطالب به بعض أعضاء تلك الهيئات (4)
 

أما في الولايات المتحدة، فإن نظرة فاحصة للكتابات التي نشرت في الخمسينيات وحتى 1962، تظهر أن هذا المصطلح لم يستخدم في عناوين الكتب أو المقالات أو المؤتمرات التي عقدت في تلك الفترة. ولكن استخدمت المصطلحات التالية: "استرجاع المعلومات information retrieval"، "المعلومات العلمية scientific information"، كما استخدم أحيانا مصطلح "التوثيق documentation" للإشارة إلى المعرفة المدونة recorded knowledge.
 

ولكن أول استخدام رسمي للمصطلح يرجع إلى 1959 عندما ظهر في تسمية برنامج قدمته مدرسة مور لهندسة الكهرباء عن علوم الكمبيوتر والمعلومات:

 

Moore School of Electrical Engineering. Computer and Information Sciences Program. Philadelphia, University of Pennsylvania.

 

وفي 1960 نادى Heilprin بضرورة الدراسة العلمية لخصائص المعلومات ومشاكلها واستخدام الوسائل الرياضية والتطبيقية في تحليلها، تماما كما تستخدم تلك الوسائل في العلوم الأخرى (5).
 

وفي 1962 عقد أول مؤتمر تحت عنوان:

 

Conference on training science information specialists. Atlanta, Georgia Institute of Technology, 1961-62.

 

وفي دراسة مسحية قام بها Wellisch (6)، ذكر معظم الأسماء التي أطلقت على هذا العلم على مدى خمس سنوات من 1965-1970 كالآتي:

 

documentistics, documentology, epistemo-dynamics, informantics, informatistics, informatology, information and documentation science, informology, and social epistemology.

 

وعلى الرغم من أن الرواد الأوائل مثل: بروكس B. C. Brookes، وكليفردون Cyril Cleverdon، وفيرثورن Robert Fairthorne، ودي سولا Derek De Solla، وجارفيلد Eugene Garfield، وكوشن Manfred Kochen، ولانكستر F. W. Lancaster، وسالتون Gerhard Salton، وفيكري Brian Vickery كانوا من العلماء البارزين في تخصصاتهم العلمية، إلا أنهم جميعا كانوا يهتمون بتنظيم وتوفير المعلومات العلمية لزملائهم العاملين في معاهد البحوث والتطوير والمجالات الصناعية. وتعتبر الأعمال التي قاموا بها امتدادا لمحاولات نظرية وتطبيقية سابقة للتصدي لمشاكل تنظيم وبث المعرفة المدونة والتي كانت قد بدأت قبل الحرب العالمية الثانية. فقد كان من المتعارف عليه أن من كانوا يوفرون الأدوات العملية لبث المعلومات العلمية كان يطلق عليهم الموثقون والمكتبيون. أما الموثقون - الذين أطلق عليهم فيما بعد أخصائيو المعلومات - فقد كان شغلهم الشاغل هو الجوانب العملية لنقل المعلومات العلمية والتقنية في مجالات تخصصاتهم المحددة، وإليهم يرجع الفضل الأكبر للتطورات التي حدثت بعد ذلك في علم المعلومات. وأما المكتبيون، فهم مدربون في مهنة المكتبات، وبالنسبة لهم، تعتبر عملية نقل المعلومات عن طريق مواقع كالمكتبات عمل في غاية الأهمية من الناحيتين الاجتماعية والثقافية.
وعلى الرغم من استخدام نفس تكنولوجيا المعلومات في عمليات إعداد الوثائق والمعلومات وتجهيزها، إلا أن الفصل بين مفهومي المكتبات والمعلومات استمر خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية في بلاد كثيرة، منها الولايات المتحدة. وتأثير هذا الفصل يمكن ملاحظته في الفصل بين التسميتين: المكتبات وعلم المعلومات library and information science.
وكان شيرا قد نظر إلى علم المكتبات على أنه البديل العلمي لعلم المعلومات حيث أن انتقال المعلومات عن طريق المكتبات لا يتم بدون استخدام عمليات نقل المعلومات. وأن علم المعلومات تمتد جذوره إلى المحاولات السابقة لتوسيع حدود تقنيات المكتبات حيث أعطيت اسما جديدا وهو علم المعلومات. وهو يفضل استخدام مصطلح "المعرفة knowledge" على "المعلومات information" ومصطلح "الاتصالية communication" على "النقل transfer" (7).
فطبقا لشيرا يكون علم المكتبات هو بكل بساطة علم المعلومات والتقصي الذي يتم تطبيقه من موقع معين يطلق عليه المكتبة، وتكون عملية الفصل بين المكتبات والمعلومات لا لزوم لها على الإطلاق.

 

ولقد أحدث هذا الفصل بين المكتبات والمعلومات أزمة في الهوية وفي البناء المجزأ لنظرية علم المعلومات استمرت عددا من السنين. ومن الأهمية بمكان أن جمهور المكتبيين في السنوات الأخيرة قد توصل إلى اتفاق تام مع علم المعلومات. فتأثير أخصائيي المكتبات قد ساعد على اتساع مفهوم حقل المكتبات لتنضوي تحته بيئات أخرى تلعب فيها المعرفة المدونة والمعلومات دورا حيويا في الميادين الثقافية والتجارية والاتصالات.

 

ويتساءل بيتر إنجورسن (8، ص. 137) عن الدوافع وراء المحاولات لإنشاء علم تكون مهمته بالضرورة هي تناول الوثائق، كما يتساءل عن الضرورة التي دعت إلى الدراسة الجدية لعملية انتقال المعلومات المدونة من المنشئ إلى المستفيد، فيقول إن الجواب الشائع والمعروف يتعلق بالانطباع المنبعث من المجتمع المعلوماتي information society الذي يقرر أن علم المعلومات إنما نشأ بسبب القضايا والمشكلات المتعلقة بالحصول المادي والفكري على كيان المعرفة، ذلك الكيان الذي أخذ ينمو بسرعة عالية، والذي يشار إليه بالانفجار المعلوماتي الذي حدث بعد الحرب العالمية الثانية، والذي ارتبط بالتعقيد المتزايد لإيجاد حلول للمشكلات التي أخذت هي الأخرى في التزايد في جميع مستويات المجتمع والتي استفادت من الفرص التي أتاحتها تكنولوجيا المعلومات لحل العديد منها.

 

ويعتبر إنجورسن أنه على الرغم من صحة هذا الجواب، إلا أنه يعتبر جوابا غير متعمق في أحد جزئياته. فما حدث حقيقة خلال هذا القرن كان في الواقع "انفجارا وثائقيا document explosion" عنيفا في مجال العلوم science وأنشطة المجتمع الأخرى، نجمت عنه مشاكل تتعلق بالوصول المادي إلى الوثائق نفسها ومن ثم الوصول الفكري للحصول على المعلومات الضرورية، إذ أن المعلومة نفسها تنشر في العديد من الوثائق. وبناء عليه، فالجواب الشائع يخطئ حينما يفترض أن المعلومات تعادل الكيانات المادية التي تحمل الرسائل messages   (المعلومات). أما إذا كانت المعلومات ببساطة مرادفة للكلمات والجداول والصور، الخ، فيكون التفسير الشائع تفسيرا صحيحا، حيث أن المعلومات التي يشير إليها علم المعلومات لا تشير إلى الكيانات المادية كالوثائق والمستندات مثلا. ويقول إن مفهوم المعلومات من وجهة نظر علم المعلومات، يجب أن يحقق متطلبين: فمن ناحية تكون المعلومات هي حصيلة عملية تحويل البنيات المفاهيمية عند منشئ المعلومات وذلك من خلال التصور النموذجي لحالة المعرفة عند الشخص الموجهة إليه تلك المفاهيم والتي تكون في حالة رموز. ومن الناحية الأخرى، فالمعلومات تكون شيئا "عندما يُفْهَم أو يُدْرَك، فهو يؤثر على، ويغير من، حالة المعرفة عند الشخص الذي يستقبلها". وعندما نقول "يُدْرَك" فهناك انطباع معين بوجود سبب متعَمد، وتوقُّع، ورغبة فيما يتعلق بتقييم كل ما هو مدون ومتاح لمن يستقبل تلك المعلومات حتى يكون هناك فهم وإدراك وتأثير وتغيير (9، ص. 33).

 

والمشكلة الثانية في الجواب الشائع تكمن في أننا لسنا بالضرورة في حاجة إلى علم تكون مهمته توفير الحصول على الوثائق، إذ أن كل ما نحتاجه هو استخدام تقنيات متطورة تسمح لنا بملاحقة الزيادة المضطردة في كمية الوثائق. وهو تماما ما قام به الأرشيفيون والمكتبيون والموثقون عبر التاريخ. فقد استفاد هؤلاء من جميع تقنيات المعلومات في أزمانهم بدون الحاجة إلى علم للمعلومات، حيث استخدموا الألواح الطينية والرق والورق. وعلى هذا المستوى العملي أو التطبيقي، دوّن هؤلاء للبشرية، باستخدام الأدوات والوسائل المتاحة في أزمانهم، إحصاءات بما لديهم من مواد في صورة كتالوجات للمكتبات مكتوبة بخط اليد على أدراج كما حدث في مصر القديمة، إلى قوائم بالأعمال الموجودة في أزمانهم كما في الفهرست لابن النديم، إلى خطط للتصنيف تمثلت في خطط تصنيف المكتبات على مر العصور، إلى الكشافات الموضوعية والببليوجرافيات العلمية وأنظمة التصنيف العالمية في القرن التاسع عشر حتى استخدام الكمبيوتر في الستينيات من القرن العشرين لاسترجاع الوثائق العلمية.
ومع تقدم التكنولوجيا تصاعد اعتماد العالم على التقنيات الحديثة لحل مشكلات الوصول إلى المعلومات، ولكن من ناحية أخرى كان من نتيجة تعقيد البناء الاجتماعي الجديد أن حدث انفجار عنيف في الأعمال الورقية.
 

بيد أن المشكلات بدأت تظهر في الثلاثينيات من القرن العشرين، فقد كان من الصعب على العلماء أن يتابعوا التطورات العلمية في تخصصاتهم بالاطلاع على كل ما ينشر في الدوريات العلمية، فظهرت الحاجة إلى المستخلصات والكشافات للبحث عن المقالات ثم طلبها من ناشريها أو الاطلاع عليها في المكتبات، وتلك كانت عملية مضيعة للوقت وعالية التكاليف، كما كانت تستدعي التخمين بأهمية المادة قبل طلب نصها الكامل. هذا الأسلوب الذي زاد من أهمية إمكانيات الوصول إلى الشكل المادي، والذي يصاحبه قصور في إمكانيات الوصول إلى المحتوى الفكري، لا يزال مستمرا حتى يومنا هذا. وعلى العموم، فإن تكنولوجيا الكمبيوتر قد ساعدت على انكماش حجم المشكلات المصاحبة للوصول إلى المعلومات. ووجود النصوص الكاملة في شكل إلكتروني يؤكد المشكلات الأساسية المتعلقة بالوصول الفكري. كما أنه لم يقلل من تعقيد عملية الوصول والاستخدام.
 

وعلى عكس الميادين التي اعتمدت على تقنية المعلومات  information technology بعد الحرب العالمية الثانية، كنظرية المعلومات  information theory أو علم الكمبيوتر، نجد أن علم المعلومات لم ينبع من ميدان علمي ثابت له جذور كهندسة الكهرباء أو الرياضيات، مثلا. تلك الحالة من الجمود النظري لم تمنع هذا الميدان من أن تعترف به الميادين التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات، ولكن بعض الميادين الإنسانية، مثل علم النفس، أوعلم الاجتماع، أو العلوم اللغوية، لم تقدر هذا الميدان كعلم مثل بقية العلوم. وقد وصف Griffith  علم المعلومات بأنه علم رخو soft science، يعني أن موضوعه يتميز بالتعقيد والمراوغة وأن الاختلاف في وجهات النظر عند دراسته حتمي ومتوقع (10). هذا بالمقارنة بمجالات البحث في العلوم الصلدة hard sciences  مثل علوم الطبيعة، حيث يتوقع أن نصف الظواهر الطبيعية بصيغ ومعادلات رياضية حاسمة. والمشكلة هنا هي أن معظم علماء المعلومات وهم من علماء العلوم الصلدة حاولوا تطبيق خبراتهم على علم المعلومات وهو علم رخو.
أما ما يميز علم المعلومات عن العلوم الأخرى، فهو أنه هو العلم الذي يهتم بإيجاد حلول للمشاكل النظرية والعملية المتعلقة بتنظيم وتمثيل ودراسة الكيانات النصية لتسترجع عند طلبها وذلك بدرجة أكبر من الاهتمام بالتكنولوجيا نفسها، حيث أن التكنولوجيا هي وسيلة لتمثيل المعلومات واسترجاعها. وعلى الرغم من ذلك فإن الجانب التطبيقي لعلم المعلومات هو الذي يساهم في تأسيسه والاعتراف به كعلم، كما أن الاتصال العلمي وانتقال المعلومات هو إضافة للاعتراف الأكاديمي بهذا العلم. هذا الاتجاه المقلوب الذي بدأ بالتطبيق، يعنى بمزاولة المهنة، إلى بناء النظرية، يؤكد أهمية استيراد عناصر نظرية ومنهجية من الحقول الأخرى وخصوصا علم اللغة، وعلم الاتصال، وعلم الاجتماع.

 

 

تأسيس علم المعلومات

 

علم بلا هوية

 إن التأكيد على إضافة كلمة علم science إلى كلمة المعلومات information لا يعكس فقط الرغبة لتحقيق الوضع المهني، ولكنه كان يرجى منه تطوير أسس نظرية وحقائق ثابتة مشتقة من العلوم الأخرى. فقد كان الجمود النظري والافتقار إلى وجود مناهج علمية وفلسفية لعمليات المعلومات، فيما عدا الآراء المنطقية المفهومة ضمنا، هي المشكلة الأساسية عندما حاول علماء المعلومات والباحثون في الميادين الأخرى في الفترة من 1958 حتى 1977 تأسيس مناطق البحث الأساسية في علم المعلومات وتعريف العلوم الأخرى بحدود هذا العلم. ساعدهم على ذلك أن الحقول الأخرى، مثل نظرية المعلومات وعلوم النظم والحاسب، تكونت قبل ذلك أو في خلال تلك الفترة. وكانت كلها قد بدأت بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت تتناول البيانات باستخدام نفس التكنولوجيا. ولكن الرواد الأوائل في هذا الميدان الذين عملوا في ميادين أخرى من قبل، أصروا على أن علم المعلومات يجب أن ينظر إليه على أنه علم "حقيقي" - أي علم طبيعي. وهذا هو السبب في أن هذا العلم كان يبحث عن بعض "القوانين" الأساسية (12).

 

ومن الأهمية أن نظهر تلك المحاولات "للنشوء العلمي القسري" - المبني على رغبة في الكمال - ولولاها لنشأ هذا العلم بدون روح ولابتلعته العلوم الأخرى خلال الستينيات.

 

ويوضح الشكل رقم 1 علم المعلومات وتفاعله مع حقول المعرفة الأخرى التي تتناول المعلومات (13 ص 103)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في تلك الفترة بدأ علم المعلومات في انتاج نظريات ونتائج للأبحاث الجارية، ولكن كان معظمها يتعلق بحقول أخرى للمعرفة، مثل تطبيقات تقنيات الحاسب في حقول الطب والكيمياء، فيما يتعلق بتكشيف واسترجاع ونقل المعلومات. كما استخدمت نظريات من حقول أخرى كالعلوم السلوكية والإحصاء فيما يتعلق بأساليب البحث وفهم استخدام المعلومات في المجتمع. كما كان هناك سيل من وجهات النظر أفقيا على مستوى الحقول الرئيسية ورأسيا بين الحقول في مستويات مختلفة (الشكل 1) أدت إلى ظهور محاولات خلال تلك الفترة لدمج علم المعلومات مع أو في ميادين علمية أخرى حتى يتسم بالمتانة العلمية والرسوخ. وهناك اتجاهان واضحان في هذا المضمار:
الأول، كانت هناك نزعة إلى ضمه أفقيا (الشكل 1) إلى علم الاتصالات.
الثاني، كان هناك من ينادي بضمه رأسيا (الشكل 1) إلى علم الكمبيوتر لينتج عنهما علم المعلوماتية informatics.
وفي نفس الوقت كان هناك من يعمل على إنشاء علم مستقل للمعلومات تكون له هويته الذاتية.

 

المعلومات وعلم الاتصالات

لأن نظرية الاتصالات communications theory تهتم بالدور الحيوي الذي تلعبه اللغة، كما تهتم بطبيعة ووسائل انتقال وتوصيل المعاني، كما أنها تتناول عمليات حمل المعلومات وانتقالها بين المرسل والمستقبل، اعتبرها بعض العلماء أنها لن تثري فقط علم المعلومات، بل انها ستكوّن النظرية الكبرى metatheory لهذا العلم. وقد اقترح ذلك كل من Saracevic (14) و Goffman (15). ثم تبعهما بعد ذلك كل من: Dervin and Nilan (16). وكان Goffman قد قدم تصوره عن تعريف علم المعلومات (17) فيقول: "لأن كلمة المعلومات تستخدم في سياقات كثيرة، فإنه من الصعب تكوين تعريف واحد شامل لها". وعلم المعلومات الذي يقترحه Goffman يكون هو العلم الذي يهتم بدراسة الظواهر المتعلقة بالمعلومات بدلا من دراسة المعلومات نفسها.

 

أما Saunders  فقد أكد ضرورة تدريس علم يدور حول الاتصالات البشرية human communication (18).

 

كما اقترحت Artandi أن المفاهيم المعلوماتية information concepts ضرورية لعلم المعلومات على أساس الاستخدام المحتمل لتلك المفاهيم (19). وتنظر  Artandi إلى علم المعلومات على أنه العلم الذي يهتم بنظام اتصالات معقد يجب دراسة جميع مستوياته. ثم استخدام المفاهيم المعلوماتية لفصل تلك المستويات ثم محاولة فهم كل مستوى على حدة. وهي كذلك تعتبر أن المفاهيم المعلوماتية يمكن أن تكون نافعة لتكامل الأنشطة المتباينة لعلم المعلومات. ويؤيد Otten موقف Artandi الذي يؤدي إلى دراسة المستويات المتعددة للاتصالات (20). ويبدو أن هذا الاتجاه يعتبر منطقيا من حيث أن نقل transfer المعرفة المدونة يتضمن معاملات اجرائية، كما يشتمل على انتقال المعاني بين الكائنات، وكذلك انتقالها بين الكائنات والأنظمة التي تحتوي على البنيات المفاهيمية conceptual structures. وتوضح البحوث في الاتصالات العلمية وفي عدة مناهج في استرجاع المعلومات information retrieval هذا الولاء لعلم الاتصالات. تلك العلاقة اكتسبت قوة خلال الثمانينيات تحت تأثير الأبحاث التي أجريت على المستفيدين. وكنتيجة لهذا المنحى، اندمجت في الولايات المتحدة بعض هيئات تدريس الاتصالات والمكتبات وعلم المعلومات. وأساسا، فإن هذا الولاء لعلم الاتصالات يناسب الباحثين الذين يدرسون سلوكيات وتفاعلات العناصر البشرية في انتقال المعرفة المدونة.

 

المعلومات وعلم الكمبيوتر

إن تركيز بعض علماء المعلومات على أنظمة وتكنولوجيا المعلومات فيما يتعلق بتنظيم المعرفة وانتقالها يدلل على النزعة لدمج علم المعلومات في علم الكمبيوتر. ويحلل Hans Wellisch (6) ذلك الاحتمال، كما يؤيد S. Gorn اندماجا بين الميدانين لتأليف ما يسمى بالمعلوماتية   informatics (21).
وفي الحقيقة، فقد يبدو منطقيا أن تتصل عناصر استرجاع المعلومات، وتمثيلها وتنظيمها، بالبرمجيات software، وتصميم النظم systems design، والذكاء الاصطناعي artificial intelligence، وهي جوانب تتعلق بعلم الكمبيوتر - وذلك من وجهة نظر علم الكمبيوتر. ولهذا فإن بعض أقسام الحاسبات في بعض الجامعات في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة ضمنت بعض عناصر استرجاع المعلومات في برامجها الدراسية وأنشطتها في مجال الأبحاث والتطوير research & development (R & D). ولكن في تلك الحالة، نجد أن علم المعلومات يفتقر إلى الجوانب الإنسانية والسلوكية، كما يفتقر إلى الارتباط بمهنتي المكتبات والوثائق. ولكن كان يرجى أن تساعد المجالات الفرعية تحت كل منها على الارتباط والتعاون بين تلك المجالات جميعا.

 

أما K. Samuelson، عالم المعلومات السويدي، فقد اقترح ما يسمى بالنظم والسيبرانية والمعلوماتية: SCI (systems, cybernetics, informatics)  كنتيجة لدمج علم المعلومات في علم الكمبيوتر، حيث أنشأ قسما يقوم على هذه المبادئ (22). وهو يرى أن السيبرانية cybernetics التي تتضمن الاتصالات والتحكم وعلوم النظم، تتقارب من علم المعلوماتية informatics الذي يتضمن أساسا علوم المعلومات والكمبيوتر وكذلك تكنولوجيا المعلومات.

 

ويناقش Zhang Yuexiau التعريفات المختلفة لعلم المعلومات ويقرر أنه لا يوجد أي مبرر لإحلال علم الحاسب بعلم المعلومات information science أو المعلوماتية informatics (23)، هذا على الرغم من أنه يوافق على استخدام التسمية "الكمبيوتر وعلم المعلومات computer and information science".

 أما Brier فهو يؤكد على السيبرانية من المستوى الثاني (المستوى الثاني يشمل علم الرموز semiotics وفهم اللغة) ويعتبر أنها وعلم الرموز second order cybernetics and semiotics  تمثل وسائل خلاقة لفهم عملية انتقال المعلومات (24).

 

علم المعلومات كعلم مستقل

وإلى جانب الانضمام إلى ميادين علمية أخرى أو استخدام نظريات من علوم أخرى، كان معظم العاملين في هذا الميدان يحاولون حل مشكلة تكوين شخصية مميزة لهذا العلم. إذ نجد Brookes يتخذ منحى مختلفا عندما حاول تعريف ما يدور حوله هذا العلم حتى تكون جوانب الدراسة واضحة عند تناولها بالبحث والتحليل (25). وهو يفعل ذلك من خلال معادلة أساسية لعلم المعلومات:

 

K(S) + I = K(S + S)

 

 

وهذا المعادلة في مفهومها العام توضح الجوانب التي يهتم بها علم المعلومات، والتي تقرر أن:

 

البنيات المعرفية K(S)  تتغير إلى حالة جديدة معدلة من حالات المعرفة  K(S + S)
بواسطة المعلومات المضافة   I،

حيث  S  تشير إلى التغيير الحادث.

 

وحتى يمكن حل مشكلة علم المعلومات، طبقا لبروكس، يتحتم فهم جميع عناصر المعادلة (بما فيها العمليات الرياضية). وهكذا يتحتم تكوين مفهوم للمعلومات من أجل فهم المعادلة الأساسية.

ومن ناحية أخرى، أكد المؤلفون الثلاثة: Mikhailov, Chernyi, and Giliarevskii أن مفهوما راسخا للمعلومات التي يهتم بها علم المعلومات يكون ضروريا لتعريف ما يدور حوله هذا العلم، أي تعريف حدود هذا العلم (26). وقد يؤدي ذلك إلى جدل دائري، حيث أنهم يبدأون بفكرة تعريف ماهية علم المعلومات التي تؤدي بدورها إلى نوع معين من المفهوم المعلوماتي. ولكن تكوين المفهوم نفسه سيبين الظاهرة التي يجب أن يدرسها علم المعلومات والأساليب التي تستخدم في تلك الدراسة.

 

أما Barnes، فمنهجه متطور بعض الشيء وهو يشير إلى أهمية تواجد مفهوم للمعلومات (27). فهو يعتمد على فلسفة العلم التي اقترحها Kuhn (28) ، حيث يقول Kuhn إن أنشطة أي مجال علمي ناضج تكون مبنية على "أنموذج تحليلي paradigm  بارادايم" أي على الطريقة التي ينظر بها إلى ذلك المجال والتي تكون شائعة ومعروفة بين جميع الممارسين لهذا المجال العلمي. وبدون هذا الأنموذج، فإن هذا المجال العلمي لن يتواجد. ويقترح Barnes أن علم المعلومات هو في حالة ما قبل تكوين الأنموذج التحليلي pre-paradigm state، وأن وجود مفهوم للمعلومات هو المرشح المعقول لتكوين الأنموذج التحليلي الموحد والذي سيتكتل حوله علم ناضج للمعلومات. وعلى ذلك، فإن وجود مفهوم للمعلومات يكون شرطا أساسيا لأن يصبح علم المعلومات علما "حقيقيا" و "ناضجا" بالكفاية.

 

أما Robert A. Fairthorne (29) فقد قدم تصوره لشكل تدفق المعلومات المبني جزئيا على علم الرموز semiotics وجزئيا على نظرية الاتصالات. ويقول، إذا كنا سنستخدم مصطلح المعلومات باستمرار، فعلينا أن نعرّف هذا المصطلح حتى نعرف ماهية ما نتحدث عنه. هذه المحاولة أمدت هذا المجال بإطار عمل فريد وتخطيط بناء كان على أهمية كبرى للدراسات اللاحقة. فهو يقترح قاعدة مفصلة تسمى informatology، وفيها يعتبر علم المعلومات علما شاملا لكل المحاولات الأخرى المتعلقة بالمعلومات عامة. وبتحوير بسيط لتلك الأسس النظرية يمكن أن ينتج عن هذا الاقتراح شكل آخر هو ما نعرفه نحن اليوم عن علم المعلومات.

 وهناك محاولات أخرى مختلفة لانتقال المعلومات بين أخصائيي المكتبات وعلماء المعلومات والتوثيق يمثلهم Shera and Kochen على التوالي.

 

أما شيرا، فهو يؤيد إنشاء مجال علمي يتعامل أساسا مع التفاعل الرمزي symbolic interaction، أو ما يسمى بالتفاعل الاجتماعي social interaction. وهو يعتبر علم المعلومات الأساس النظري لمهنة المكتبات librarianship، وينظر إلى الحقل من خلال الدور الاجتماعي لمهنة المكتبات. وهو يستخدم مصطلح "نظرية المعرفة الاجتماعية Social epistemology" عند الإشارة إلى ذلك المجال العلمي. ويقول إنه متأكد من أنه أخطأ في الماضي عندما اعتقد أن علم المعلومات كما يعرف حاليا [1983] يقدم الأساس الفكري والنظري لفن المكتبات. فالعلم يتعامل مع "أشياء" يمكن قياسها وخلطها مع بعضها، بينما فن المكتبات يتعامل عرضا مع "أشياء" ولكن تلك الأشياء تكون أساسا عبارة عن أفكار ومفاهيم. وأن المكتبيين يجب أن يتميزوا بمعرفتهم وليس بالآلات التي يستخدمونها. وهو ينظر إلى المكتبات على أنها هيئات اجتماعية وإنسانية. ويقول إن مدخلا بالفهرس معروض على أنبوب أشعة الكاثود يكون بالضرورة هو نفس المدخل الذي أوصى به كتر Charles A. Cutter وأن حقيقة إرسال هذا المدخل في ثوان عبر القارات إلى أنبوب أشعة الكاثود لن يغير من شخصية فن المكتبات ولن يحوله إلى علم.

 كما يقول إن تسمية علم المعلومات بالقياسات الببليوجرافية bibliometrics أو بالمعلوماتية informatics لن يغير الموقف وكذلك فهو لن يغير الهدف من المكتبة. وأن الهدف الاجتماعي من المكتبة لن يتغير وأن أخصائيي المكتبات يتميزون بما يمتلكونه من المعرفة وليس بالآلات التي يستخدمونها. وهو يرى خطرا مباشرا من علم المعلومات على فن المكتبات. وينظر شيرا إلى الدور الاجتماعي لفن المكتبات وينادي بأن على المكتبيين أن يستكشفوا ميدان التفاعل الرمزي symbolic interaction كأساس لنظرية فن المكتبات حيث يسميه أيضا بالتفاعل الاجتماعي social interaction. وهو ينظر إلى الحقل من خلال الدور الاجتماعي لمهنة المكتبات.

 

وحيث أن شيرا لا يناقش المعلومات، فرؤيته أو أمله في أن تستمر مهنة المكتبات في البقاء، تصبح غير عملية، لأنها تتعلق أكثر بعلم المكتبات عنها بعلم المعلومات. ويقول شيرا إن مصطلح علم المعلومات مشتق من نظرية شانون Shannon للمعلومات، وشهرتها على يدي Weaver. وينتقد شانون وويفر حيث أن الحظ خانهما عندما أطلقا مصطلح نظرية المعلومات  information theory  بدلا من تسميتها نظرية الإشارات  theory of signals.

 

أما Kochen فهو يدخل في الموضوع مباشرة وينادي بأنه من غير المثمر أن ندخل في جدال ونقاش حول متى يصبح حقل المعلومات غير علم المعرفة أو علم النفس الحيوي، الخ. ويقول "إن كل ما يهم هو أن الباحثين الذين يبحثون في علم المعلومات يشكلون قضايا يمكن بحثها واستكشافها مما يؤدي إلى إيضاح طبيعة وديناميكية المعلومات والمعرفة." (31، ص. 371). وهو مثل شيرا، لا يوافق على النظرة الضيقة إلى مهنة المكتبات وعلم المعلومات والتوثيق. بمعنى أن التركيز لا يجب أن يكون فقط على السجلات المكتوبة والوثائق والعمليات الجسمانية. فهو يتناول بالتعريف علم المعلومات بمفهوم أوسع من وجهة النظر السيكولوجية. وهو يهتم بالمعلومات والمعرفة والفهم (المتضمنة في الكيانات المادية)، من ناحية المعنى المقصود بها كما يتصورها العقل الذي يستقبلها.

 

وفي 1977 لخص  Debons الموقف في المؤتمر الثاني للمعلومات في كوبنهاجن 2nd IRFIS (Information Research for Information Science) Conference in Copenhagen، حيث اقترح أن يكون علم المعلوماتية هو العلم الأكبر  metascience (32، 33).

 

وقد حملت بعض المقالات والكلمات التي ألقيت في المؤتمرات في تلك الفترة عناوين تشير إلى أزمة في هوية هذا العلم، مثل:

 

Information science: discipline or disappearance (34).

Information science: search for identity (35).

Perspectives of information science (36).

The fundamental problem of information science (25).

Information: one label, several bottles (37).

Towards a true information science (38).

 

 

العناصر الأساسية الخمسة

 

انتهى الصراع للوصول إلى اتفاق جامع، بعد أن بدأت تتشكل قاعدة، تم تعريفها جيدا، لإجراء أبحاث في هذا الميدان استخدمت فيها التحليلات العلمية لفهم المعلومات. وقد جمع Belkin عام 1978 العناصر الخمسة الأساسية التي تشكل أساس دراسة علم المعلومات (39، ص. 58)، وهي:

 

    1.     المعلومات في أنظمة الاتصال الإدراكي عند الإنسان
    2.     فكرة المعلومات المرغوبة
    3.     فعالية نظم وانتقال المعلومات
    4.     العلاقة بين المعلومات ومنشئها
    5.     العلاقة بين المعلومات والمستخدم
 

وهذه العناصر الخمسة ذات أهمية، لا لشي إلا لأنها بصراحة ووضوح تعتبر بؤرة الأبحاث الحاضرة والمستقبلة. ولأنها تبين الجوانب العقلانية والاجتماعية والفردية والادراكية. وهي تشكل قاعدة صلبة للمزيد من التطورات والتحديات في هذا المجال. ويمكن دراسة العناصر الخمسة إما بشكل منفصل أو وفق تركيبات مختلفة، وهي تشكل في مجموعها جوهر علم المعلومات.

 ويقول Belkin إن مشكلة علم المعلومات والاهتمامات التي تشير إليها تظهر أن المعلومات يجب أن تكوّن الظاهرة المركزية التي يدور حولها الاهتمام بعلم المعلومات. ولكن من أجل تطبيق العناصر الخمسة، يجب أن يكون هناك بعض الاتفاق بين المزاولين للعمل في هذا المجال وعلى الأقل يجب تعريف تلك الظاهرة الجاري دراستها (وهذا يشكل أساس الافتراضات النظرية لهذا العلم). كما يقول إننا هنا لا نهتم بتعريف المعلومات، ولكن اهتمامنا يجب أن ينصب حول مفاهيم المعلومات. والفرق هو أن تعريف المعلومات سيوضح ماهية الظاهرة، بينما المفهوم سيكوّن الطريقة التي ينظر بها أو يتم بها تفسير الظاهرة. فإذا تقبلنا فكرة المفهوم فإننا نحرر أنفسنا من البحث عن تعريف شامل للمعلومات ونكون في وضع يسمح لنا بالبحث عن مفهوم المعلومات. وهذه العناصر elements أو مناطق الاهتمامات تناولها Ingwersen بالتحليل كما يلي (40، ص. 202):

 

العنصر الأول: المعلومات في أنظمة الاتصال الإدراكي عند الإنسان

هذا العنصر يتناول النقل الرسمي وغير الرسمي للبيانات في محيط اجتماعي، مثل الاتصال العلمي أو تدفق المعلومات داخل المؤسسة أو في مكتبة عامة أو في أي بيئة أخرى مشابهة. ودراسة ظاهرة المعلومات تقع هنا، حيث أن هذا العنصر على علاقة وثيقة بالعنصر الخامس المتعلق بالعلاقة بين المعلومات والمستخدم. ومن أوائل من استخدموا وسائل المسح الاجتماعي في هذا المجال D. Wapples في الدراسة التي أجراها عام 1932 عن استخدام الكتب والمكتبات (41).

 

العنصر الثاني: المعلومات المرغوبة

هذا العنصر يركز على طبيعة المعلومات المطلوبة ويحاول فهم توليد وتطوير الاحتياجات للمعلومات داخل المجتمع بين مجموعات محددة من الناس أو بين الأفراد. كما يهتم بالغرض أو القصد من المعلومات المطلوبة، هل هي مطلوبة لحل مشكلة، أو لسد حاجة ثقافية، أو لتوكيد المعرفة، أو لأهداف إدراكية، أو لاهتمامات معينة. وقد قام  Mackey (42)   ثم تبعه Taylor (43)  بتحليلات جادة في هذا المجال خلال الستينيات. وتنحصر نظرية Taylor في أنه إذا تواجدت حالة سيكلوجية معينة بعقل المستفيد، فإن تلك الحالة قد تقوده إلى التعبير عن طلبه للمعلومات. هذه النظرية قادت إلى العديد من الدراسات والتجارب العملية ذات الطبيعة التحليلية. وبعد مقابلات مع العديد من أخصائيي المكتبات الجامعية، اقترح Taylor  أربعة مستويات لتكوين السؤال، ثلاثة منها جوهرية والرابع يؤلف طلب المعلومات من نظام الاسترجاع. ويقول إن تلك المستويات الأربعة تتداخل مع بعضها على طول نطاق السؤال ككم متصل غير مقطوع:

 

 ·             الحاجة العميقة للمعلومات visceral need: الحاجة الفعلية غير المعبر عنها للمعلومات
 ·             الحاجة المدركة (من قبل المرء في نفسه) conscious need: وصف الحاجة داخل العقل
 ·             الحاجة المشكّلة formalized need: التعبير الرسمي عن الحاجة
 ·             الحاجة المُعرّضة للتسوية compromised need : السؤال كما يعرض لنظام المعلومات
 

العنصر الثالث: فعالية نظم وانتقال المعلومات

هذا العنصر يدرس الطرق والتقنيات التي يمكن أن تحسن من تصميم وقياس أداء المعلومات في نظم (استرجاع) المعلومات. زد على ذلك أن هذه الناحية تهتم بتطوير النظريات والطرق الخاصة بإدارة عمليات نقل المعلومات بين مولدي كيانات المعرفة والمستفيدين. وهذا العنصر على علاقة بالعنصر الرابع الخاص بالعلاقة بين المعلومات ومنشئها. وقد أشار رانجاناثان  Ranganthan إلى عناصر الإدارة في المكتبات وخدمات المعلومات في الثلاثينيات من القرن العشرين حين نشر بحثه الشهير (44) تحت عنوان "خمسة قوانين في علم المكتبات Five laws of library science"، والتي تعد نواميس أو مبادئ للممارسة الجيدة في هذا المجال، وهي تنص على أن:

 

·           لكل قارئ كتابه
·           الكتب وجدت للاستعمال لا للتخزين
·           لكل كتاب قارئه
·           تهيئة الظروف لتوفير وقت القارئ والموظف
·           المكتبة نظام متطور
 

العنصر الرابع: العلاقة بين المعلومات ومنشئها

هذا العنصر يعني بدارسة المعرفة المولدة وأشكال تحليلها وتمثيلها في نظم المعلومات والتي تكون غالبا وليس حصرا، في شكل نصي. وهذا يوحي بدراسة التأثير المتبادل بين بنية النظام وأهدافه. وهنا نرى المناهج النظرية والتجريبية للتكشيف والتصنيف، بما فيها الاستشهاد المرجعي citation indexing، وكذلك النظريات والمناهج المرتبطة بقياس وتوزيع انتاج برامج البحوث والتطوير Research and Development (R&D).

 

ولقد جرت أولى محاولات التعامل مع مشكلات التنظيم والنمو والنشر للمعرفة المسجلة dissemination of recorded knowledge قبل الحرب العالمية الثانية حين نشر   H. E. Bliss (45)  دراساته في تنظيم المعرفة تمهيدا لتطوير نظامه: التصنيف الببليوجرافي bibliographic classification، والذي كتب مقدمته الفيلسوف John Dewey (وهو غير  Melvil Louis Kossuth Dewey   الذي وضع التصنيف المشهور باسمه  Dewey Decimal Classification).

 كما بدأ رانجاناثان (46) عمله في أوجه التصنيف الخمسة العالمية  PMEST عام 1935. وقد حظت هذه الأوجه التي تمثل الشخصية personality، والمادة matter، والطاقة energy، والمكان space، والزمان time، باهتمام جديد في بحوث الذكاء الاصطناعي  artificial intelligence (AI) نظرا لفائدتها في تركيب الكيانات المفاهيمية في النظم القائمة على المعرفة  knowledge-based systems.

 

أما المجال الثاني للدراسات في التوثيق فقد بدأ بالدراسات الكمية للإنتاج الببليوجرافي بين عامي 1925 و 1935. وكان Bradford هو أول من لفت الانتباه إلى التوزيعات الإحصائية القائمة على القياسات الببليوجرافية (الببليومتريقا bibliometrics) (47)، والتي أصبحت محورا للكثير من الدراسات منذ ذلك الوقت.  وتبين هذه الدراسات أنه في أي حقل موضوعي، هناك عدد محدود من المقالات ينشر في عدد قليل جدا من الدوريات (الدوريات التي تعتبر اللب في هذا الحقل الموضوعي) بينما ينشر الجزء المتبقي من المقالات بشكل مبعثر في مصادر أخرى كثيرة. وقبل ذلك بفترة وجيزة طبق Lotka وسائل إحصائية أخرى لقياس إنتاجية العلماء على شكل نسبة الإنتاج المنشور بينهم (48).

 

كما انتج   Zipf الطريقة الإحصائية لقياس تواتر الكلمات في النصوص العلمية. وما توصل إليه هؤلاء الثلاثة أطلق عليه اسم قوانين، (مثل قانون برادفورد Bradford's law) على الرغم من أن تلك الأعمال ليست متميزة كقوانين الطبيعة مثلا. ويشكل قانون زيبف الأساس لجزء كبير من أساليب الاسترجاع المبنية على الإحصاء التي تم تطويرها واختبارها منذ الستينيات. راجع:

Booth’s law, Bradford’s law, Brookes’ law, Estroup’s law, Leimkuhler’s law, Lotka’s law, Pareto’s law, Price’s law, Rousseau’s law, Willis’ law, Zipf’s law.

 

العنصر الخامس: العلاقة بين المعلومات والمستخدم

ويصب العنصر الخامس اهتمامه على البحث في المعلومات وعلاقتها بالموضوع محل الاهتمام وعلى قيمتها من وجهة نظر المستفيد. كما يضم كثيرا من أشكال تحليلات الاستشهادت المرجعية citation analysis. وعلاقة المعلومات بالموضوع واستخدامها وقيمتها كانت محل جدل كبير في علم المعلومات. فقد جرى بحث منظم في هذا الموضوع في الستينيات، خاصة فيما يتعلق بتجارب كرانفيلد الشهيرة  Cranfield التي أجريت على أداء أساليب الفهرسة وأساليب استرجاع المعلومات (50).

 

وفي الواقع، فإن المستفيدين في الطرف النهائي من تلك الدراسات المبدئية لم يشاركوا عادة لا في التجارب ولا في تقويم نتائجها. وفيما عدا تجربة واسعة النطاق أجراها لانكستر (51)، فقد كان الباحثون أنفسهم يقررون الأحكام المتعلقة بتجربة البحث في المختبرات وفق ما يعرف بمقاييس المناسبة المعكوسة inverse relevance measures، أي نسبة "الاستدعاء recall" و "الدقة precision"، حيث يبين المصطلح الأول نسبة العناصر المسترجعة والمناسبة إلى مجموع العناصر المناسبة في المجموعة كلها. أما الثاني فيدل على نسبة العناصر المناسبة المسترجعة من مجموع العناصر المسترجعة ككل.

 

وهذا المنهح العقلاني القائم على دراسة نظم استرجاع المعلومات والمعتمد في البحث المخبري عن مدى مناسبة الوثيقة - وليس على فائدة المعلومات أو قيمتها، والبعيد عن بيئة المستفيد - لا يزال هو المنهج المتبع أساسا (كما ينطبق على استرجاع المعلومات). ومع ذلك، فقد وسعت الدراسات الحديثة، كتلك الدراسات التي أجراها شامبر Schamber et al (52)  أو Saracevic and Su (53)  مجال ومفهوم مدى ارتباط المعلومات بالموضوع محل البحث وقيمة تلك المعلومات عن طريق تضمين الحالة النفسية للمستفيدين النهائيين في تلك الدراسة واستعمال اللغة في مقامات مستمدة من الحياة الواقعية.

 

 

علم المعلومات الحديث

 

وباعتبار علم المعلومات فرعا جديدا من العلوم، عليه أن يعالج ظاهرة المعلومات والمسائل المتعلقة بالسلوك الفكري "المسؤول" عن البحث عن المعلومات. وعليه أيضا أن يقدم إجابات علمية للمشاكل المطروحة في هذا الميدان تقوم على مناهج بحثية وتكون إلى حد ما مميزة لهذا العلم. كما يجب أن يكون هذا العلم متميزا أيضا عما سواه من العلوم التي تعالج المعلومات وما شابهها من المفاهيم، مثل الادراك والمعرفة. كما ينبغي أيضا أن يكون لهذا العلم جوهر وأن يبتعد عن المسائل الجانبية التي ليس لها هدف إلا جعل هذا العلم علما أكاديميا هامشيا.

 

ويذكر Ingwersen (40)  أن لب علم المعلومات يتألف من المجالات domains التالية:

 

- تقصي المعلومات  Information seeking
- استرجاع المعلومات  Information retrieval
- إدارة المعلومات  Information management
- تصميم نظم استرجاع المعلومات Information retrieval systems design
- قياسات المعلومات Informetrics

 

وهي كما وردت في:

Faculty of Social Sciences, University of Tampere, originating from: Appointments Procedures: Professorship in Library and Information Science, University of Tampere, Finland, 21 October, 1992.

 

تنحصر في أن "علم المكتبات والمعلومات يعنى بإيصال المعلومات المسجلة recorded information بين مولدي المعلومات human generators [أي كل من يساهم في خلق المعلومات] والمستفيدين من المعلومات. وهو يهدف الى وضع تصور وفهم للبيئة المعلوماتية، والحاجة الى المعلومات بواسطة الأفراد والجماعات، كما يهدف إلى تنظيم موارد المعلومات لتيسير الوصول إلى، والحصول على المعلومات المرغوبة. أما نظم تنظيم المعلومات، فهي تتضمن على سبيل المثال لا الحصر، المكتبات وخدمات المعلومات وقواعد البيانات". ويوضح هذا التصور تفهما متطورا للعنصر البشري المهم الضالع في المجالات المذكورة كما يشير إلى ذلك Saracevic (54)  و Meadows (55).

 

وإذا نظرنا إلى الشكل 2، نجد أن إدخال الجوانب البشرية يتم بدراسة العنصرين الأول والخامس في جميع المجالات domains. وكمثال على ذلك، العمل الذي نشره Buckland (56) عن المعلومات ونظم المعلومات الذي ركز فيه على العنصر الأول والثاني والثالث والخامس، وذلك بالإضافة إلى دراسة ظاهرة المعلومات.

 

  

 

 

 

 

وبالمقابل، فبإلغاء عنصري الدراسة الأول والخامس من المصفوفة، فإن التركيبات المتبقية من العناصر (وهي الممثلة بالنقط السوداء) تبين التقليد القديم المحدود المبني على النظم ضمن كل مجال من المجالات. وهذا الموقف البحثي يشكله العنصران الثالث والرابع. وفقط في مجالي استرجاع المعلومات والتقصي عنها، نرى أن للعنصر الثاني أثرا إضافيا على البحث من خلال إشراك طبيعة الحاجة البشرية للمعلومات وسببيتها الكامنة في بناء النظرية. وعلى ضوء هذا التخطيط (الشكل 2) وكذلك على ضوء طبيعة الأعمال الرائدة التي أنجزت حتى الآن، يبدو بجلاء أن العنصر الرابع على الأخص، يشكل تاريخيا جوهر علم المعلومات بالنسبة للعلاقة بين المنشئ للمعلومات والمعلومات ذاتها.
وفي الوقت ذاته، فان هذا التصور يوحي بنظرة واسعة إلى العلاقة بين المعلومات والتواصل communication وتقنية المعلومات information technology (IT) والجوانب البشرية، كما يتضمن أيضا إدارة المعلومات.
 

والفكرة الجوهرية هنا، هي المعلومات المرغوبة. فنحن نتكلم بصراحة ووضوح عن الرغبة الهادفة بالحصول على المعلومات بواسطة فرد أو مجموعات من الأفراد في بيئات متنوعة. وهذا يشكل عنصرا فريدا في علم المعلومات، حيث يؤكد على نوعية التفاعل بين مولدي المعلومات ونظم المعلومات ومستخدمي المعلومات فيما يتعلق بالمعلومات المسجلة. وبدون هذه الأفكار المحددة للرغبة في المعلومات وتخزينها، لشمل علم المعلومات مجالات مثل التواصل communication عامة، بما فيها جميع نشاطات التواصل البشري، والإعلام ومعظم العلوم المعرفية. ونتيجة لذلك، فإن علم المعلومات يقتصر على دراسة ظواهر محددة من التواصل، وهي تلك الظواهر المعنية بالمعلومات التي تقدمها المصادر المسجلة من أجل ارضاء العواطف والاهتمامات والمعرفة الشخصية. ولعلنا نرى في المستقبل تعاونا أوثق بين علم المعلومات والعلوم الفكرية والإعلام والشبكات. ومن هنا، يقترح المفهوم أن نركز اهتمامنا على النوايا والمقاصد intentionality من تقصي المعلومات، وعلى كل عمليات تقديم المعلومات المرغوبة الى الأفراد بصورة نوعية (وهو ما يتعلق بتصميم نظم استرجاع المعلومات)، وعمليات استعمال وتوسيع عمليات توليد المعلومات (وهو ما يتعلق بقياسات informetrics وإدارة المعلومات).

 واليوم ينبغي على هذه العمليات أن تتعامل مع جميع صنوف المستفيدين، وكذلك مع مستويات المعرفة المنتشرة في المجتمع، بما في ذلك الأنواع المتعددة للتسجيل recording والتفاعل interaction والنقل transfer المتعلقة بالمعلومات. وثمة نتيجة أخرى لهذا المفهوم، وهي أن علم المكتبات والمعلومات لا يدعي بأنه هو المجال الوحيد الذي يستأثر بدراسة المعلومات. فهناك علوم أخرى تدرس المعلومات بمفهوم يشبه مفهوم علم المعلومات مع اختلاف أهدافها، كما هي الحال في مجال التعلم وعلم النفس المعرفي cognitive psychology  أو بعض مجالات اللسانيات linguistics، مثل معالجة اللغة الطبيعية  natural language processing (NLP). كما يقع مجال الواقع التخيلي virtual reality على حدود هذا العلم. ولا يقتصر هذا المجال على دراسة نقل المعلومات العلمية في المجتمع مثلما تتضمن معظم الكتابات المنشورة في هذا المجال (57-58). وكذلك لا ينبغي لهذا العلم أن يحصر اهتمامه في أساليب التسجيل والتواصل (مثلا على تطبيقات تقنية المعلومات). فقد يلاحظ المرء أن بعدا تاريخيا فريدا لعلم المكتبات والمعلومات يتركز على تنظيم الوسائل المادية الملموسة وبالذات صيانة وحفظ وحماية الوسائل المادية الخاصة بتخزين الرسائل messages  (يعني حفظ وصيانة الكتب، والصور، والأقراص وغيرها عبر الزمن).

  

المجالات العلمية الأساسية لعلم المعلومات

   ان المجالات الخمسة الأساسية التي تؤلف فيما بينها الهيكل العلمي لعلم المعلومات تخضع دائما لعملية إعادة تشكيل من خلال إدخال الأبعاد البشرية human dimensions لنقل المعلومات على نحو أوضح. وبصورة أساسية، فتلك العملية تنطوي على حركة تتجاوز النظام والمنهج القائم الذي يعتمد أساسا على تقنية المعلومات information technology (IT) التي تميز هذا العلم عادة. وقد جمع Ingwersen تلك المجالات الخمسة (40، ص. 202)، والتي استقاها من بلكين (39).
أما الاتجاهات الحالية والمستقبلية على المدى القريب المرتبطة بهذا البعد البشري، فتتميز بمحاولة تطويع تقنية المعلومات لتلائم البشر في عمليات الاتصال بين الإنسان والآلة، وفهم المعلومات ضمن نطاق أوسع من مجرد تعريفها على أنها تقنيعلمية (تقنية علمية)، واعتبارها عنصرا ضروريا مكملا لمعرفة الفرد وكذخيرة جوهرية للمجتمع، والتحول من تداول الوثائق إلى توفير المعلومات بدلا من التركيز على أنواع الوثائق والنصوص التقليدية التي تعتبر المفهوم الأساسي  "للكيان الوثيقي" الذي يميز مجالات هذا العلم، وكذلك محاولة الوصول إلى أشكال جديدة من الكيانات اللغوية semantic entities التي يمكن فهمها وتصورها على أنها تمثل معلومات يمكن استخدامها بواسطة من يستقبلها.
 

فالاتجاهات الحالية نحو التأكيد على دور العنصر البشري في دراسة المعلومات ترجع إلى التطورات الحادثة في تقنية المعلومات. فقد زادت سهولة دعم المستفيد تقنيا، ولكن في نفس الوقت زاد تعقيد تنظيم وإدارة هذا الدعم. ومن الواضح، فقد حتمت عملية التشكيل داخل الإطارالبشري الخوض في أبحاث جديدة بالطبع في المجالات domains التالية:

 

1. قياسات المعلومات أي الإنفورمتريقا informetrics
2. تقصي المعلومات information seeking
3. التفاعل في استرجاع المعلومات IR interaction
4. إدارة المعلومات information management
5. تصميم النظم systems design
 

وللفهم الدقيق للتشكيل الجاري من عمليات تجريبية قائمة على النظم وبناء النظريات، إلى بناء هيكل حديث لهذا العلم وملاحظة تأثير ذلك كله على البحوث في المستقبل، علينا أن نربط تلك المجالات domains الخمسة بالعناصر الخمسة التي ذكرناها آنفا، والتي تعتبر الدراسات الأساسية لعلم المعلومات.

 

1. قياسات المعلومات أو الإنفورمتريقا  Informetrics

(وهي غير المعلوماتية  informatics)

 

ان إحلال القياسات الببليومترية والعلمية (الببليومتريقا والسيانتومتريقا  bibliometrics and scientometrics  ) بمفهوم قياسات المعلومات (الإنفورمتريقا informetrics)، كما عرّفه Tague-Sutcliffe (59) ، يوسع عمدا رقعة هذا المجال البحثي في "المعلومات" بمفهومه الواسع، الذي لا يقتصر على مجرد الاتصال العلمي ونقل المعرفة (التي هي جزء محدود من عمليات نقل المعلومات).
لذا فان الفكرة التي يعبر عنها الشكل 2 (الدوائر المتقطعة) تبين أنه بالرغم من أن عنصري الدراسة الأول والخامس تتبع هذا المجال عادة، إلا أن الاهتمام هنا قد انصب حول الخصائص العلمية للاتصال المعرفي واستخدام المعلومات فقط. وطبقا ل Tague-Sutcliffe، فإن الإنفورمتريقا يفترض فيها أيضا أنها تضم استعمال مصادر معلومات غير تلك المصادر التي تحددها وتتركز حولها قواعد البيانات المعيارية للاستشهادات المرجعية العلمية التي يقدمها معهد المعلومات العلمية   Institute of Scientific Information (ISI) من خلال الأعمال الرائدة لجارفيلد E. Garfield (60).

 

أما قياسات النشاط العلمي scientometrics فهي مجال فرعي يقوم على دراسة تطور الانتاج العلمي وتطور العلوم على المستويات القومية أو على مستوى الحقل العلمي. وأول عمل رائد في هذا المجال كان العمل الذي قام به Derek De Solla Price (61). وتستخدم في مثل هذه الدراسات أساليب القياسات الببليوجرافية bibliometrics مثل وسائل المصاحبة الببليوجرافية cocitation، والمزاوجة الببليوجرافية bibliographic coupling، وتحليلات عناقيد الاستشهادات المرجعية citation cluster analysis (انظر المقالة التي كتبها عبد الرحمن أحمد عبد الهادي فراج عن المصاحبة الببليوجرافية (الوراقية) (133)). وهذا يعتمد على افتراض أن هناك أسبابا معرفية منفردة تجعل المؤلفين العلميين يستشهد بعضهم ببعض - ولذلك فان الاستشهادات المرجعية تعكس التركيزات الاجتماعية والمعرفية الخاصة بذلك المجال بالذات. ومن هنا يمكن للمرء أن يحلل أثر الاتصال الرسمي وغير الرسمي  formal and informal communication  بين العلماء. وكما أوضح Cronin، فإن القياسات في الدراسات الببليومترية وحدها لا تقدم صورة سليمة لهذه النماذج الاجتماعية والمعرفية (62). فبدون توفر معلومات نوعية اضافية لن تقدم تلك التحليلات سوي مؤشرات دلالية. ومفهوم أن تحليل الاستشهادات المرجعية يتضمن تحليل السياق المحيط بالاستشهادات المرجعية من أجل تقصي الدلائل التي تعرف اتجاه وتأثير impact  تلك الاستشهادات. فاتجاه الاستشهاد المرجعي يتضمن تلميحا بالتحليل للأسباب الكامنة وراء استعمال الاستشهادات المرجعية، فهي قد تشير مثلا، إلى وجود خلاف أو اتفاق على قضايا بحثية معينة. كما أن تأثير الاستشهاد المرجعي يدل على عدد المرات التي يذكر فيها المرجع ذاته في النص. وحاليا، فإن مثل هذه التحاليل النصية غير موجودة في قواعد الاستشهادات المرجعية التابعة لمعهد المعلومات العلمية ISI. وكذلك فإن المؤلف الثاني والمؤلف الثالث للمقالات المستشهدة لا يمكن اقتفاء آثارهما. وإن توافر النص الإلكتروني الكامل قد يجعل مثل هذا البحث ممكنا، حيث يمكن أن تلعب الكيانات النصية أدوارا مهمة في هذا المجال. فمثلا قد تصبح الكيانات الدلالية semantic entities، مثل قسم فرعي من مقالة بإحدى الدوريات، أو فصل في كتاب، محل دراسات في المستقبل. فقبل كل شي، نرى أن المعلومات موجودة في الوحدات الصغيرة من النص المحبوك. وبهذا تصبح قياسات المعلومات أوثق صلة بميادين تقصي المعلومات واسترجاعها.
 

وبالإضافة إلى ما تقدم، نرى أن أساليب قياسات المعلومات قد تصبح أدوات مهمة في إدارة المعلومات. وفي هذا الشكل الجديد، نجد أن قياسات المعلومات يمكن أن تتحول إلى أدوات قيمة تستعمل في ملاحظة سياسة المعلومات في المجتمع وتعديلها. ويمكن بالتالي تبديل رمز الدائرة المتقطعة (الشكل 2) برمز النجمة.

 

وعلى الخط الفاصل بين قياسات المعلومات وتقصي المعلومات information seeking، نرى الدراسات التي تتعلق بنشر المعلومات في المجتمع. فعلى سبيل المثال طبق  Lancaster and Lee أساليب القياسات الببليوجرافية بهدف تتبع أنماط احتمالية لنشر المعلومات (63). وقد أطلقا على هذا النوع من التحليل مصطلح "معالجة القضايا issues management". وكان هدفهما من البحث تتبع انتشار مفهوم الأمطار الحمضية على مر الزمن، في إطار الميادين العلمية وفي مصادر المعلومات العامة الأخرى. وتعتمد هذه الدراسات على النمط العام المعروف في نقل المعرفة (العلمية) "من أعلى لأسفل top-down pattern" ، يعني من نوع من الوثائق لنوع آخر. فمثلا، قد ينشر تحقيق للبحث والتطوير R&D  في شكل تقرير و/أو ورقة بحث في مؤتمر ثم ينشر بعد ذلك في دورية علمية، ثم في نهاية المطاف ينشر في شكل كتاب دراسي مقرر. وربما يحدث هذا وفق معايير البحث الأساسي والتطبيقي. وهناك بعض القضايا التي قد تتناولها المجلات العلمية الشائعة والصحف أو التلفزيون على الفور خارج الأنماط التقليدية المتبعة في التواصل العلمي scientific communication. ويحدث هذا في الموضوعات "الحامية hot"، أي المثيرة للجدل، كما في مسألة "الاندماج النووي البارد cold fussion" التي كانت مثار جدال عام 1987، أو قضية "ثقب الأوزون  ozone gap" في 1992." وفي الوقت الحاضر، نرى أن الموضوعات المتعلقة بالبيئة سرعان ما تدخل في التشريعات القانونية للدول، وتثير جدلا سياسيا، وتوضع السياسات لتنظيمها مما يؤدي إلى حدوث أنماط لنشر المعلومات من أسفل إلى أعلى أو في شكل أفقي. ومن جميع تلك المستويات، قد ينشأ انتشار في اتجاهات جديدة مع مرور الزمن، حيث تخلق شبكات متغيرة من استخدام المعلومات. وجميع أنواع الوثائق المذكورة يمكن تتبعها من خلال قواعد البيانات العامة، وليس من خلال نظم الاستشهادات المرجعية.

 

 2. تقصي المعلومات Information Seeking

يعتبر بعض علماء المعلومات أن سلوك تقصي المعلومات هو ميدان أساسي، حيث يتألف هذا السلوك عادة من عناصر التواصل، وبالأخص بين أولئك الذين يرغبون في المعلومات ويستخدمونها. كما يعتبر مجالا ملائما جدا لدراسات استعمال المكتبة (64). ولأكثر من نصف قرن كانت هذه البحوث تجرى بدءا من Wapples (41)   حتى وصلت الى ذروتها في السبعينيات. وبالتعبير الحديث، فإن البحث في تقصي المعلومات يري على أنه متطلب سابق لتصميم نظم استرجاع المعلومات وإدارة المعلومات فيما يتعلق بالبيئات الاحترافية والعلمية. ونرى في الشكل 2  كيف تبدأ العناصر الثلاثة من عناصر تقصي المعلومات في التغلغل في تلك الميادين. ومن الممكن البحث في هذه العناصر من وجهات نظر فردية ومعرفية، كما فعل Kuthlthau (65)، أو من وجهة نظر سلوكية اجتماعية (جماعية) يمكنها أن تحدد الشكل الكامل للنظم أو خدمات المعلومات القائمة على ذلك الميدان، كما فعل Ingwersen (9)  و Elliis (66).

 

وتتزايد الدراسات التي تجرى بهدف البحث في سلوك تقصي المعلومات لدى مجموعات مختلفة من الأفراد المهنيين الذين يؤدون أعمالا معينة أو العلماء في ميادين مكرسة لعلم من العلوم. ففي جو المكتبة (العامة) نرى أن تقصي المعلومات سيشمل العناصر الاجتماعية والثقافية والعاطفية من سلوك المعلومات ونقلها، مثل تأثير البنيات الاجتماعية أو المعرفية على عادات القراءة وعمليات التعلم وبالتالي على استعمال المكتبة (67) (68). وهنا نرى أن تقصي المعلومات يندمج بوصفه مكونا حيويا للتفاعل مع استرجاع المعلومات.

 

3. التفاعل في استرجاع المعلومات IR Interaction

 يتضمن التفاعل في استرجاع المعلومات دراسة التواصل المتفاعل وعمليات البحث التي تحدث أثناء عملية استرجاع المعلومات من خلال اشراك جميع المشتركين الأساسيين - أو كل من له دور - في هذه العمليات. وهذا يشمل المستفيد برغباته في الحصول على المعلومات، والوسيط (الآلية الوسيطة intermediary mechanism)  ونظام استرجاع المعلومات، حيث يتألف المكون الأخير من المعلومات الاحتمالية في شكلين أساسيين :
(ا) مصادر المعلومات ممثلة في هيئة وحدات دلالية
sematic entities من نصوص كاملة وصور، وتمثيلاتها،
(2) إعدادات نظم استرجاع المعلومات
IR systems settings ممثلة في بنى قواعد البيانات، ومعايير المدخلات، وأساليب الاسترجاع، وقواعد تمثيل البيانات (9 ص. 55-56).

 وفي استرجاع المعلومات، تكون المشكلات الأساسية مرتبطه بالحيثية aboutness وبالتمثيل أوالتكشيف وتطوير أساليب الاسترجاع وأدائها، والوظيفة البينية، وبناء أنموذج الاستفسار، ومبدأ المناسبة أو المطابقة relevance، والاحتواء على المعلومات informativeness. والتركيز التقليدي في استرجاع المعلومات يشتمل في العادة على العنصرين الأساسين الثالث والرابع من الدراسة (الشكل 2) أي أنه يعتمد أساسا على "النظام والوثيقة". فهو يشكل بالاشتراك مع قياسات المعلومات informetrics  وتقصي المعلومات الأساليب العميقة لعلم المعلومات. ولقد خضع الموقف السائد الذي يحتله الواقع القائم على النظام والوثيقة لبعض التحديات في الثمانينيات ممثلة في المناهج التحليلية والتشغيلية الموجهة للمستفيد (69). والأسباب الأساسية لذلك كانت كما يلي:

 

ا) القصور في إحراز أي تقدم في المنهج التقليدي منذ السبعينيات.
2) القصور المتعلق بإشراك المستفيد في البحوث.
 

ولفهم الوسائط البينية تصميما ووظيفة مثلا، نرى أن بناء نمط المستفيد، والاستفسار، والاحتواء على المعلومات، والاستعمال المناسب لأساليب الاسترجاع، وإدخال القصد من عملية الاسترجاع هي أمور حيوية في هذا المجال. وهكذا أصبحت الرغبة في الحصول على المعلومات (العنصر الثاني) خلال السبعينيات مكونا ضروريا لاسترجاع المعلومات وربطها بدراسات تقصي المعلومات.
وكذلك فإن بعض الظواهر التي أشير إليها مثل الحيثية aboutness (يعني توكيد موضوع الوثيقة) وتمثيل المحتويات representation of contents، ومبدأ المناسبة والاحتواء على المعلومات، هي أمور ذات صبغة نفسية وترتبط بالتواصل communication، كما تعتمد كذلك على المجال. فمنذ السبعينيات، حاولت الجماعات المهتمة بأبحاث استرجاع المعلومات المبنية حول المستفيد تطبيق نظريات ونتائج من هذين الميدانين وكذلك من ميدان اللغويات النفسية  psycholinguistics. ونلاحظ من هذه الأعمال نزعة في الأبحاث والتطوير R&D في مجال استرجاع المعلومات تأخذ في حسابها العنصر الأساسي الخامس الذي يهتم بالعلاقة بين المستفيد والمعلومات، أي الاستخدام والقيمة use and value، ومبدأ المناسبة أو وثاقة الصلة relevance.
 

ونلاحظ حاليا وجود مدارس في البحث في استرجاع المعلومات، اثنتان منها تتبع الموقف الخاضع للوثيقة والنظام وتركزان على العنصرين (الثالث: فعالية النظم، والرابع: العلاقة بين المعلومات ومنشئها) بينما نرى أن الثالثة ذات صبغة نفسية وتتمحور حول المستفيد وترتبط بتقصي المعلومات، وتركز أساسا على العنصرين (الثاني: المعلومات المرغوبة، والخامس: العلاقة بين المعلومات والمستخدم)، وجزئيا على (الثالث: فعالية النظم، والرابع: العلاقة بين المعلومات ومنشئها). وتعرف المدرسة الأخيرة خطأ أحيانا بالمدرسة المعرفية cognitive، مع أن هذا المنهج باعتباره كنظرية، لا يوجد إلا بشكل غير ناضج (70).

 

أ) المدرسة الأولى القائمة على النظام

تتميز المدرسة التقليدية الأولى في استرجاع المعلومات باتباعها منهجا إحصائيا في بناء نظرياتها. فهى تركز على تمثيلات الوثيقة أو النص وعلى قياسات أداء وتطوير أسلوب استرجاع المعلومات. وتتشكل الفرضية الأساسية لهذه المدرسة في أن تواتر الكلمات في النصوص الأصلية المكتوبة باللغة الطبيعية يمكن استخدامه للإشارة إلى الكلمات التي تمثل الوثيقة على أفضل وجه بهدف الاسترجاع، إذ أن هناك كلمات في النص تكون أفضل من غيرها في التمييز بين النصوص. وهكذا يصبح بالإمكان تصنيف النصوص تبعا لمبدأ الارتباط بموضوع البحث والتشابه. ولقد قام سالتون بأول بحث في هذا الاتجاه معتمدا على قياسات التشابه بين النصوص والاستفسار ومستخدما ما يعرف بأنموذج الاتجاه والفراغ vector-space model (صيغة جيب التمام  cosine). فقد اعتبر الوثائق والاستفسارات اتجاهات vectors في فراغ space ذي أبعاد N حيث يتوافق كل بعد مع مصطلح كشفي. وعموما فعدد مصطلحات الاستفسارات يحدد تلك الأبعاد (71-72). كما طبق روبرتسون مقاييس الاحتمالات في هذا المجال (73).

 

وكذلك يمكن تطبيق مقاييس مماثلة على تحليل الاستشهادات المرجعية citation analysis والمزاوجة الببليوجرافية bibliographic coupling. وقد تم تطوير أسلوب ثالث رئيسي وهو أسلوب تجميع الوثائق في عناقيد document-clustring حيث يمكن تطبيق التجميع على الاستشهادات المرجعية وليس فقط على المصطلحات في النصوص (74-75).

 

ب) المدرسة الثانية القائمة على الوثيقة

هذه المدرسة مبنية على اعتبارات لغوية (76-78)، وهي تضم باحثين لغويين متخصصين في اللغويات الحاسبية، مثل: Sparck Jones, Smeaton, and van Rijsbergen. ومن الممكن النظر إلى هذه المدرسة على أنها تناقض المدرسة السابقة في محاولتها تطبيق أساليب تحليل النص لغويا من الزوايا الصرفية والنحوية والدلالية فيما يتعلق بالنص ومحتويات الاستفسار. وفي هذا البحث يصنع المرء كشافات مرتبطة بالمجال لكي يبرز المفردات التي يجب البحث فيها. ونقترب هنا من توفير مصطلحات الكشافات بصورة آلية دون أي تفسير للموضوع.
وفي كلتا المدرستين نرى أن المطابقة بين استفسارات المستفيد والنصوص المسترجعة تتم على مبدأ التطابق الأفضل في أسلوب المعلومات المبني على افتراض أن بعض الوثائق مناسبة أكثر من بعضها الآخر بالنسبة إلى استفسارات معينة. فالمطابقة الأفضل تستفيد من مقاييس التشابه أو الاحتمالات أو من خلال التشابه بين التركيبات اللغوية أو الشبكات الدلالية في النصوص والاستفسارات (79).

 

وتجري تجارب كثيرة بهدف استكشاف ما إذا كان أحد أساليب المطابقة الجزئية هذه أو جميعها يمكن استعمالها في النظم الضخمة ذات النصوص الكاملة. وتسمى هذه التجارب تريك وتبستر TREC and TIPSTER (80-81).

 وعلى النقيض من الأنموذج التقليدي للاختبارات التي تجريها هذه المدارس، فإن هناك اشتراكا فعليا من قبل المستفيدين الحقيقيين في هذه المشروعات فيما يتعلق بتفاعل وتقويم نتائج الاسترجاع. ويعتبر مشروع أوكابي OKAPI مشروعا واعدا لأنه يدرس تصنيف الاحتمالات والتغذية المرتدة حول المطابقة لموضوع الاستفسارات الواردة من المستفيدين والتي تتناول فهارس المكتبات (82).

 

ج) المدرسة الثالثة الموجهة للمستفيد

 كان أعضاء المدرسة القائمة على إشراك المستفيد في الأبحاث مترددين في إدخال أساليب المطابقة الأفضل best match techniques في أبحاثهم. ومن ناحية أخرى، فقد تم إجراء العديد من الدراسات التي تعطي رؤى داخلية عميقة قيمة تأخذ في اعتبارها المستفيد النهائي مع متطلباته الخاصة من المعلومات بالإضافة إلى اشتمال تلك التجارب على قواعد المعلومات المباشرة التجارية الضخمة (83).

هذه النظم مبنية جميعا على أساليب التكشيف والاستخلاص وعلى أساليب المطابقة التامة (طبقا للمنطق البوليني Boolean logic). وتشترط هذه الأساليب أن تكون الوثائق المسترجعة مطابقة تماما لعبارات الاستفسار وتركيبها البوليني، ولا يمكن تصنيفها حسب المرتبة تبعا لتناقص التشابه والوزن similarity and weights كما في أسلوب المطابقة الأفضل.
وأهداف البحث في هذه المدرسة تتركز حول إجراءات البحث خلال نظم المعلومات المباشرة على الخط (84)  أو المبنية على احتياجات المستفيد أو المقابلة بين المستفيد والوسيط (85). كما تتركز أيضا على تصميم واجهة التفاعل البيني مع المستفيد وبناء نماذج المستفيد القائمة على التحليل أو على سلوك التقصي والبحث (9) (86-87). كما أن هناك دراسات حول الحيثية الموجهة للاستخدام (88)، ودراسات Blair القائمة على النظريات الفلسفية للغة (89).

 

وفي جميع هذه الدراسات، يلعب العنصر الخامس المتعلق بالعلاقة بين المستفيد والمعلومات دورا حيويا، حيث تتركز هذه الدراسات على أفضل المحاولات لمطابقة الرغبة في المعلومات مع قيم المعلومات المسترجعة.
 ولقد أسهم علم الحاسب كثيرا في مجال استرجاع المعلومات في المدارس الثلاث. ويمكننا أن نلاحظ بالإضافة إلى ذلك النقل المتبادل للنتائج الذي حدث في الوقت ذاته. فلقد تعرض إدخال مناهج النظم الخبيرة expert systems إلى تصميم نظم استرجاع المعلومات وما يسمى بالوصلات البينية الذكية intelligent interfaces لتساؤلات خطيرة من قبل بروكس  Brooks وسبارك جونز  (90-91) . كما أن التأثير القوي للبس والغموض المصاحب لاستفسار المستفيد وتمثيل محتويات الوثائق (92) جعل الجماعات المهتمة باسترجاع الوثائق حذرة من تطبيق معماريات النظم الخبيرة مباشرة على استرجاع المعلومات (93).

 

4. إدارة المعلومات Information Management

 إن الدور الذي تقوم به المكتبات في إدارة المعلومات كان موضوعا للدراسة منذ عدة عقود تحت اسم إدارة المكتبات. ومنذ الثمانينيات، امتد هذا المجال الضيق من علم المعلومات ليشمل أنواعا أخرى من البيئات المشتركة في نشاطات توزيع المعلومات واستعمالها. كما توسعت النظرة الى المعلومات لتشمل المعلومات بوصفها سلعة تجارية. ولم يعتبر بعض علماء المعلومات وأخصائيي المكتبات هذا الانتقال نحو قطاع الأعمال أمرا إيجابيا، حيث اقترنت المعلومات بالمال وأصبحت أداة للسيطرة. ويرى المرء في أعماق هذا الجدل تناقضات فكرية عميقة الجذور والتباين بين فن إدارة المكتبات والوثائق، الأول: بمهمته الاجتماعية الثقافية المجانية، والثاني: بمطالبته بنوعية الخدمة الممتازة لقاء سعر معين واهتمامه بتحقيق الربح (انظر المقالة التي كتبها زين عبد الهادي وإجلال بهجت عن تسويق الخدمات المكتبية (134)).
 

وفعالية المعلومات effectiveness وانتقالها هي المحور الذي تتركز حوله إدارة المعلومات. وغالبا ما تستعمل عبارة إدارة المعلومات على أنها مرادفة لعبارة قواعد البيانات وإدارة السجلات، أو معالجة النظم. ونظرا للأوجه الاقتصادية والتنظيمية في فكرة إدارة المعلومات فهي تتضمن قنوات رسمية وغير رسمية، كما تدخلها عمليات نقل معلومات من مختلف الأنواع حيث تكون هذه العمليات كامنة في أنواع متعددة من نظم المعلومات المتداخلة فيما بينها. وهنا نرى أن مواد نصية ورقمية وغير نصية تتحد في معماريات معقدة من الأوعية المتعددة، وينبغي أن تعالج بطرق هادفة في سياقات انتظامية. أما الروابط مع تقصي المعلومات ومع التفاعل أثناء استرجاع المعلومات فهي تتضاعف حاليا لا سيما من خلال عنصر القصد من الرغبة في الحصول على المعلومات، في شكل مهام، أو إرضاء للنزعات أو الميول، أو لحل مشاكل معينة. أما القرارات بشأن استراتيجيات الإدارة فيما يتعلق بنظم ومصادر المعلومات فسوف تتخذ على أساس تحليل نتائج تقصي المعلومات واستعمالها في بيئات متخصصة. ومثل هذه التحقيقات توحي بتحليل المجالات ومهام العمل البشرية، والأهداف والتفضيلات وكل أنواع السلوك التواصلي البشري المقابلة. كما أن الأوجه الاقتصادية والنوعية والاستراتيجية المتعلقة بالاستخدام وقيمة المعلومات فستصبح أكثر تأكيدا. ويمكننا أن نلاحظ على سبيل المثال التحديات الكبيرة لإدارة المعلومات في منهج هورتون  Horton عند معالجتة لمصادر المعلومات وفي اقتراحات مارشاند  Marchand، وعلماء آخرين بادخال معايير جديدة لتقويم النوعية (94-95). ونتيجة لهذا فان إدارة المعلومات ستزيد من تجاوزها ومواجهتها للخصائص الفردية والاجتماعية لاسترجاع المعلومات ومجالات تصميم النظم.

 

5. تصميم النظم Systems Design

يعتبر تصميم نظم استرجاع المعلومات عادة الميدان التطبيقي في علم المعلومات. وكان هذا الميدان يعتمد عادة على النتائج الحاصلة من العناصر الجوهرية لاسترجاع المعلومات، ألا وهي العنصران الرئيسيان: الثالث (فعالية نظم وانتقال المعلومات) والرابع (العلاقة بين المعلومات ومنشئها). أما المناهج المطبقة فكانت عبارة عن اختلافات حول ما يسمى بأنموذج التصميم المتتابع الذي يشمل طريقة الخطوة بخطوة من أعلى لأسفل (96).
 

ويتبع مرحلة تحليل النظم تقويم النظم الذي يعتمد على تحليل التكلفة والربح، وتسبقه خطوة التصميم العام للنظام. كما تشمل المراحل اللاحقة تصميما مفصلا واختبارا للنظام. وفي السنوات الأخيرة، أصبح تصميم النظم مبنيا على طرق التحليل المعتمدة على الإنسان، والمرتبطة على وجه الخصوص بعملية جمع المعلومات لمرحلة تحليل النظم والمهام كالتي بحثها راسموسن Rasmussen وبيجترسن Pejtersen (97)، أو كمنهج التصميم متعدد الرؤية، الذي أوضحه وود هاربر وغيره    (98)    Wood Harper et. al

 

وتؤكد هذه المناهج أن تحاليل مهام المستفيد المعرفية المرتبطة بالعمل أو بحل المشكلات هي العامل الذي يحدد التصميم الناجح للنظام. وبعبارة أخرى فإن العنصر الأساسي الخامس المرتبط بالعلاقة بين المستفيد والمعلومات يصبح حيويا ويجب أن يشمل تصميم الواجهة البينية interface وبنية النظام. وبالمثل، فإن طرق تنظيم أو معالجة الموضوعات التي يحويها النظام يجب أن تعكس سلوك المعلومات العام والتفضيلات لدى مختلف جماعات المستفيدين المهتمين بالمجال ذاته. وثمة مشكلة أخرى تعترض تصميم النظم التي تحتوي على بيانات لاهيكلية unstructured data مثل النصوص والصور، ألا وهي مشكلة الغموض فيما يختص بمدى تحديد الحاجة إلى المعلومات. وفيما يتعلق بتصميم نظم المعلومات الاستراتيجية التي يقصد تطبيقها على المعالجة الاستراتيجية واتخاذ القرارات فإن الرغبة في المعلومات واستعمالها هي أشياء لا يمكن التنبؤ بها ولا يمكن تتبعها بسهولة من خلال طرق المسح القياسية. وأثناء عملية التصميم، فقد تتمخض عن النماذج الأولية أنماط معقولة يمكن استخدامها في التصميم المطور للنظام.
وسوف تصبح العلاقة بين إدارة المعلومات وتصميم النظم من جهة، وبين إدارة المعلومات والتفاعل أثناء استرجاع المعلومات من جهة أخرى، أشد قوة في نهاية المطاف بفضل العنصر الخامس المتعلق بالمعلومات والمستفيد. وكما نلاحظ في الشكل 2، فإن ثمة عنصرين جوهريين مشتركين في المجالات الثلاثة هذه، وهي: عنصر الفعالية الأصلي (العنصر الثالث)، وعنصر استعمال المعلومات وقيمتها (العنصر الخامس). وهذان العنصران معا يشيران إلى طرق جديدة في تصميم النظم. وبغض النظر عن مجموعة أساليب ورؤى التصميم فإن التصميم المفصل للنظم المرتبط بعلم المعلومات يغطي أيضا التطبيقات الملائمة عمليا لنظريات وأساليب استرجاع المعلومات من حيث التمثيل والتخزين والتنظيم، وتقديم المعلومات في شكل منظم. وتجدر الإشارة إلى كتاب كمب Kemp  عن استرجاع المعرفة المبني على الحاسب (99)، وكتاب ميهو Meyhew  عن أسلوب تصميم الواجهات البينية (100)، والكتاب الدراسي الذي وضعه جاي ويليتس J. Willitts  عن تصميم قواعد البيانات (101).

 

وخلافا لكمب وميهو اللذين كتبا عن عناصر التصميم، فإن ويليتس يصف بناء قواعد البيانات الهيكلية structured وقواعد البيانات اللاهيكلية unstructured، بمعنى أنه يقارن بنى الملفات المعكوسة inverted  والعلاقية relational، أو التي تكون موجهة إلى الكائنات object-oriented file structures.

 

 

الاختلافات المعرفية ومفاهيم المعلومات

 

إذا نظرنا إلى المجالات الخمسة في الشكل 2، نجد أن بناء النظرية قد توسع على مر السنين. كما نلاحظ أن النظريات الجديدة لم تحل في الواقع محل النظريات القديمة، بل أعيد صياغة بعض تلك النظريات القديمة. ولكن الجديد في ذلك كله هو ظهور جوانب جديدة للنظرية ومنظورها، كتلك الجوانب المتعلقة بالأبعاد الاجتماعية والإنسانية، وهذا يكمل ما كان موجودا من قبل، ولا يحل محله ومن ناحية أخرى، فقد أدى ذلك إلى إدخال عشوائي لنظريات وتطبيقات جديدة. والقضية في المجالات الخمسة وكذلك في علم المعلومات تتركز حول تقديم مناهج نظرية أكثر عالمية إلى العديد من النظم والموضوعات المرتبطة بالإنسان لتدرس في ذلك الحقل. وهنا نلاحظ أن المجالات العلمية الخمسة في علم المعلومات وعناصرها الخمسة الهامة تراعي الرغبة في الحصول على المعلومات واستعمالها سواء كانت جماعية أو دلالية أو براجماتية أو فردية. وتتشكل الروابط بين المجالات الأساسية من عوامل مرتبطة بالنظام، وعوامل اقتصادية واجتماعية وتنظيمية وكذلك من الخصائص المقترنة بمعرفة المستفيد وكذلك الخصائص المقترنة بالاستفادة.  وفي هذا الإطار ذي الأبعاد المتعددة والعلوم المتداخلة، يمكننا أن نتبين ثلاث نواح علمية سائدة تتعلق بعلم المعلومات:

 

1. الموقف العقلاني rationalistic position
2. الرأي المعرفي / الإدراكي cognitive point of view
3. المنظورات الاجتماعية sociological perspectives
 

1. الموقف العقلاني:

 قبل الثمانينيات من القرن العشرين، كانت العقلانية هي المنظور العلمي السائد. وكان غالبية المفكرين الذين عالجوا أمورا تتعلق بعلم المعلومات قد بدأوا بالتقنية أو بالعلوم الطبيعية. ونتيجة لذلك، كانوا بثقافاتهم عميقي الجذور في منهج البحث العقلاني أو، كما قال  Ellis  في مضمار البحث في استرجاع المعلومات: إنهم كانوا يشتركون في "تقليد أو محاكاة عالم الفيزياء" (69). فقد ركز السواد الأعظم من علماء المعلومات اهتمامهم (وما زالوا) على العنصرين الأساسيين، الثالث: فعالية نظم وانتقال المعلومات، والرابع: العلاقة بين المعلومات ومنشئها، حيث يشكل هذان العنصران نظاما مغلقا في عرف علم النظم. وبسبب الجمود النظري بالمعنى العلمي، فإن هدف البحث الأول من العلم كان (ومازال) هو محاولة وضع أسس نظرية للمعلومات تشبه تلك التي نجدها في المجالات الأخرى المتأصلة.

 

وباتباع هذا المذهب، يفترض أن تحتوي الكلمات والوثائق، شأنها شأن نظم المعلومات، على "معلومات حقيقية"، وهذه المعلومات تحمل معنى. فالفرضيات المبسطة الكامنة وراء تطور واختبارات أنواع عديدة من المناهج القائمة على الإحصاءات في استرجاع المعلومات والقياسات الببليوجرافية، تتألف أساسا من القضية التي تقول: إنه إذا استرجع نص يتطابق تماما مع استفسار، فإن هذ النص يعطي آليا المعلومات الممثلة بعبارات الاستفسار ،  كما يفترض مسبقا أن احتياجات المعلومات ثابتة. وكذلك فإن هذه القضية قد تكون محدودة جدا في مجالها بسبب قيود الغموض والزمن حيث أن ما يفهم اليوم من النص قد يؤول تأويلا مختلفا في المستقبل، وكذلك بسبب الغموض في النصوص فقد يختلف مفهوم أحد النصوص من مستفيد لآخر.

 

على أية حال، فإن عنصر المعنى - وهو موجود في بناء نظرية المكانز والتصنيف الوجهي - هو بالضبط ما يمنع الباحث في علم المعلومات من تطبيق حرفي لنظرية المعلومات الرياضية التي وضعها شانون وويفر Shannon and Weaver والتي كانت في الأصل مهتمة بالكائنات الرمزية في شكل إشارات لا ترتبط بالمعنى (7) (102)؛ والتحول نحو موقع إدراكي أو نحو الذكاء الاصطناعي artificial intelligence. فخلال فترة أزمة الهوية، جرت عدة محاولات لتطبيق نظرية المعلومات كجزء من الأساس العقلاني لعلم المعلومات، كما في Artandi (19) و Lynch (103). فلو كان من الضروري تطبيق تلك النظرية، لنظرنا إلى النصوص على أنها مكونة من منظومات مؤلفة من إشارات أو رموز يمكنها أو لا يمكنها أن تنتقل عبر قناة بين مولدي المعلومات والمتلقين لها، وهذا يعني المعلومات، بالمعنى المجازي فقط. وعلى هذا المستوى، فمفهوم الحيثية أو وثاقة الصلة بالموضوع، إما أن يفقد مدلوله أو يفقد معناه.
 

وعلى الرغم من أن علم المعلومات لايزال متمسكا إلى حد بعيد بالتقاليد العقلانية، وبالتالي بالتقاليد المبنية على النظام والمحتويات، إلا أن التطورات في العقود الماضية تبين بصورة جلية نواحي قصورها العلمي، الأمر الذي أدى إلى النظر إلى نقل المعلومات على أنه نظام مفتوح يتضمن السلوك المعلوماتي الإنساني المبني على رؤى معرفية مرتبطة بالانسان. فكل رؤية تؤثر في فهم الحقل، كما تؤثر في بؤرة اهتمامه، وفي افتراضاته الأساسية. وكل موقف علمي ينظر إلى المفاهيم الأساسية، مثل المعلومات والحيثية وأثر الاستشهاد المرجعي وتمثيل المعلومات ووثاقة الصلة بالموضوع بطرق متباينة. ومعظم البحوث في هذا المجال لا تتمسك بأي نظرة معرفية كامنة على الاطلاق، ولكن يمكن أن توصف بأنها مرتبطة بالتجربة أو بأنها براجماتية.
 

وبينما تركز المناهج العقلانية على المستوى اللغوي للتواصل، أي على النصوص والإشارات وعلى معالجة هذه الموضوعات، فإن المواقف العلمية المرتبطة بالانسان على اختلافها تعالج التواصل على المستوى المعرفي. ففكرة الحالة المعرفية تدل على الحالة المعرفية والعاطفية وقت تلقي الفرد للرسائل. وهي تضم فراغ أو حيز المشكلة التي تدل على حالة المشكلة في اتخاذ القرار أو أي اهتمام آخر للفرد. كما أن حالة اللبس والغموض تدل على افتقار من يستقبِل المعلومات وقت استقبالها، ومن هنا كانت رغبته في الحصول على المعلومات. وأثناء التواصل، قد يغير المتواصلون (الناس ونظم المعلومات ذاتها) مواقعهم بطريقة ديناميكية من كونهم مولدين للمعلومات إلى مستقبلين لها. فالخطوات المعرفية (والعاطفية) الحالية في اتخاذ القرار أو تحقيق الأهداف تكون معرفّة بواسطة النشاط التواصلي الفعلي والخبرات الاجتماعية والتفاعلات السابقة عند الفرد.
 

2. الرأي المعرفي

 أدخل بروكس Brookes (104-105) وبلكين Belkin (39) إلى الميدان الرأي المعرفي في إدارة المعلومات.   وبلكين على الأخص طور نظريته وأنموذجه في علم المعلومات - وهي فرضية   ASK وفق رأيه في نظرية المعرفة (106) التي أخذها عن De Mey  (107) والتي تعتبر مناقضة لمفهوم المعرفية في علم الحاسب وميادين الذكاء الاصطناعي AI. كما تطورت هذه النظرة ونوقشت فيما يتعلق بأبحاث استرجاع المعلومات (108-109) وعلم المعلومات (9) (13).

 

وعلى النقيض من العقلانية، فالنظرة المعرفية cognitive viewpoint بشكل عام تفهم المعلومات على أنها ملحق ضروري للمعرفة من أجل تغيير وتعديل حالات المعرفة. وفي الوقت الذي نرى فيه أن مفهوم المعرفية يشكل منهجا راديكاليا تجاه العلاقة بين العقل والآلة (110)، فإنه متأصل في التقاليد العقلانية، ويرى العقل البشري على أنه البرمجيات software المبنية في "عقل" الآلة (111).
 

إلا أن النظرة المعرفية تعتبر تقنية الحاسب على أنها محاكاة مصغرة ومحفزة للنشاطات العقلية الواعية أو اللاواعية من الزاوية النفسية. ومن هنا نرى أن النظرة المعرفية تشمل عناصر النظم والأفراد معا خلال إدارة المعلومات، والتفاعل معها، ونقلها. ومن هذا المنطلق نرى أن الآلة محدودة بالعمل على مستوى البنية السطحية (اللغوية) وغير قادرة على إنتاج توقعات، أومعان، أو افتراضات مسبقة تولدها بنفسها، أي أنها غير قادرة على إنتاج "حالات المعرفة" من تلقاء ذاتها، وبالتالي فإن الحاسب لا يمكنه أن يبرمج نفسه ولا أن ينسخ السلوك الإنساني المعرفي أو العاطفي.

 

وعموما فنظام استرجاع المعلومات يتألف من تراكيب معرفية (مثل تراكيب قواعد البيانات والملفات وأساليب التكشيف والاسترجاع) تمثل تصورات مصمم النظام عن كيفية معالجة النظام للموضوعات. وتحتوي موضوعات النظام مثلا على تفسيرات لمحتويات النصوص أو الصور من خلال التكشيف، أي أنها تحتوي على البنى التمثيلية representative structures التي تمثل المعلومات الأصلية، أو قد تحتوي على النصوص أوالصور ذاتها. وتولد هذه التمثيلات من خلال تطبيق القواعد المناسبة أو الخوارزميات algorithms عند إعداد النظام. وتدمج حالات أخرى من المعرفة في الوسيط (الآليات)، مثلا من خلال التدريب أو التطبيق المباشر. وفي بنية هيكل الوسيط، تراعى البنى المعرفية والعاطفية للمستفيد، بالاضافة إلى أهدافه ورغبته في الحصول على المعلومات نتيجة لإثارة تفاعله مع المعلومات (9، ص. 203-222). وحتى هذه المرحلة من بدء التفاعل مع النظام فإن الحالة العقلية للمستفيد [أي التراكيب المعرفية والعاطفية الواعية وغير الواعية عند المستفيد] تخضع باستمرار لتأثير النظام الاجتماعي الذي يعيش فيه والذي قد يتسم بتقاليد اجتماعية وتفضيلات وتراكيب جماعية  تتمسك بمجالات محددة. وبدءا من هذه النقطة، يصبح السياق الاجتماعي فعالا، ولكن من منظور تاريخي وحسب. أما عملية التفاعل السائدة فهي التي تؤدي إلى عمليات التحويل في الحالات الفكرية لدى الفرد. والنماذج المحددة الكامنة في كل متغير تشكل جزءا من التفاعل وتحدد توقعات ذلك المتغير أو المشارك الفرد. فقد لا يرغب المستفيد مثلا، في الاتصال بخدمة معينة أو بشخص معين لخبرات سابقة (قد تكون عاطفية) حولت أنموذج المستفيد عن تلك الخدمة أو الشخص.

 

وباختصار، فإن النظرة المعرفية تتبنى أسلوبا معرفيا ديناميكيا عميقا لإدارة المعلومات، ينتج في الحالات المثالية تغييرات مستمرة في النماذج وفي حالة المعرفة الحالية لكل جهاز. ويفترض أن أي عرض للحالة العقلية الحالية لدى الفرد يجب أن يقترن بحالته المعرفية، أي ما يعرفه وما يتوقعه وما يشعر به وما يهدف إليه في لحظة اتخاذ القرار، ولكن موضوعه يبقى ضمن خبراته السابقة. وبالنسبة إلى المستقبل، فهذا يعني أن هناك على الأقل بعض عناصر الرسالة المتبادلة يجب أن تدرك ويتم التعرف عليها أو أن تكون هناك فكرة مقترنة لكي تسمح للرسالة بأن تغير حالة الراهنة للمعرفة إلى حالة جديدة. إلا أن هذا التعرف الفردي أو الاقتران لا ينبغي أن يتبع الأعراف الدلالية أو التفضيلات، التي ربما تكون غير مقصودة بتاتا من جانب مولد الرسالة. كما قد لا ينتج التحويل بالضرورة تراكما للتراكيب المفاهيمية والعلاقات بين المفاهيم. ويمكن رؤية التحويلات على أنها عملية إعادة تركيب في جزء من التركيب العاطفي والمعرفي للمستقبِل. والفرضية هنا تخلق درجة من عدم المقدرة على التنبؤ بطبيعة التحويلات الدقيقة عند المستقبل الذي يستقبل ويفهم الرسائل المتماثلة في فترة زمنية. وقد تدعم النظرة بالتالي وتفسر التجارب العملية وكذلك النتائج المقترنة بالزمن ومشكلات اللبس والغموض في قياسات واسترجاع المعلومات.

 

ومن وجهة نظر علم المعلومات، فإن هذه النظرة تؤدي إلى مفهوم للمعلومات يفي بمتطلبين: فمن جهة فالمعلومات تنتج عن تحويل التراكيب المعرفية لدى المولد - من خلال النوايا والقصد من المعلومات، وأنموذج حالات المعرفة لدى المستقبل، وهي تكون على شكل إشارات - ومن جهة أخرى باعتبارها شيئا "عندما يفهم فإنه يؤثر ويغير الحالة المعرفية لدى المستقبل (9، ص. 33). ومن هنا نرى أننا بتحقيق المطلب الأول فقط لا يمكننا التحدث عن المعلومات، بل عن البيانات فقط. وبصورة أساسية، فإن هذا الشرط الأول وحده يعكس الفهم العقلاني للمعلومات. فإذا تحقق المطلب الثاني، عندئذ يمكننا التحدث عن البيانات ذات المعنى.

 

ومن خلال هذا الفهم فإن نظم المعلومات، بما فيها موضوعات النظام وبيئاته وآلياته الوسيطة تتألف من "معلومات مجازية" فقط أو (بيانات) ذات طبيعة معرفية مقدرة وكامنة، وهي التي تتحول إلى "معلومات حقيقية" فقط عند لحظة تلقيها وتحويلها للحالة المعرفية لدي المستقبل.

 والتراكيب المعرفية التي تتضمن المشاركة في نظرة عالمية بين مجموعات من الناس في مجال معين والتي كثيرا ما توصف في "نظريات النماذج paradigm theories" تؤثر أيضا في تركيب نظم التصنيف والتكشيف، وبذلك تحتوي على مضامين حول علاقة الموضوعات والمفاهيم المعالجة في المؤلفات المكتوبة وحول تشكيل الحاجة إلى المعلومات. وتحت تأثير التراكيب المعرفية الجماعية (أي التأثير الاجتماعي على الأفراد) فإن الحيثية والمناسبة أو وثاقة الصلة وكذلك تمثيل الوثائق وسلوك المعلومات، قد تظهر سمات مشتركة ربما تبدو لفترة من الزمن (وربما هي كذلك بالفعل) على أن لها طبيعة موضوعية في مجال من المجالات. وهكذا نجد باتباع النظرة المعرفية أن تفكيك مثل هذه التراكيب المعرفية النموذجية سيسبب اضطرابات دورية وتصورية ومنهجية في ذلك المجال، تتطلب إعادة تنظيم العناصر الحاملة للمعلومات (إعادة تمثيل الوثائق) أو إعادة دعم تطبيق سمات التوافق التي تجعل نظم المعلومات المعنية تساير التغيرات الحادثة. وهذه هي المشكلة المتضمنة أساسا في المقترحات المتعلقة بكائنات التكشيف الموضوعي الهادف الذي يعتمد على المجال objective domain-dependent subject indexing والتي كثيرا ما تطرح في علم المعلومات (112). وهذه النظرة المعرفية قد تشكل إلى حد ما، في المستقبل أساس ظهورالمنهج الإنساني في علم المعلومات، مع أنها لا تشمل كامل المجال الاجتماعي والفلسفي (113). انظر المعالجات المتعمقة لهذه النظرة التي قام بها Ellis (69) و Ingwersen (9) (13) (70).

 

3. المنظور الاجتماعي

 ترجع أهمية النظرة المعرفية إلى قدرتها على معالجة مختلف حالات المعرفة لدي الأفراد المشتركين في عملية نقل المعلومات، مثل مولدي المعلومات الاحتمالية (أي ما يحتمل أن يكون معلومات في المستقبل) كالمؤلفين؛ ومصممي نظم التكشيف أو الخوارزميات algorithms المتعلقة بالاسترجاع، كالمكشفين والآليات الوسيطة؛ والمستفيدين. ومنظورها الفردي يوضح أن المناهج ذات الطبيعة الاجتماعية يجب أن تطبق بوصفها ملحقا مكملا للنظم. وعندما تكون الجماعات وسلوكها المعلوماتي في بيئات معينة موضوعات للبحث، يصبح السياق الاجتماعي مباشرة محل الاهتمام. كما يصبح التكامل واضحا على المستوى المنهجي مثلا، عند رغبة المرء تقويم وظيفة المستفيد البينية المتعلقة بمشروع ما. فالمهمة المعرفية وتحليل المجال بواسطة الطرق الكمية والنوعية الاجتماعية ستبين المهام الكامنة والتفضيلات لدي جماعات متنوعة من الأفراد في المشروع، وهو ما يؤدي إلى السلوك المعلوماتي الفردي. ويمكن أن توفر هذه الطرق إجابات للتساؤلات (ماذا ومتى وكيف) التي تحدث أثناء العملية. إلا أن الوظيفة الملائمة للوصلة البينية المرتبطة بهذه المهام والتفضيلات يجب أن تدرس بواسطة طرق لغوية ونفسية تطبق عادة في العلوم المعرفية مثل التسجيل والمفكرات أو التفكير بصوت مرتفع أثناء عملية التفاعل. ومن المفضل أن تطبق هذه الأساليب على أسس نتائج الملاحظات السابقة. ويعطي تقويم المهام الوظيفية الإجابات الأساسية عن الأسئلة "لماذا" و "لماذا لا" المتعلقة بعملية الاسترجاع واستعمال سمات وتسهيلات الواجهة البينية. كما أن الآثار الجانبية السلبية أو الإيجابية غير المتوقعة في التصاميم الجديدة يمكن كذلك أن تكتشف ويستفاد منها بشكل ملائم (97).
 

ويعتبر فيرسيج G. Wersig من أوائل العلماء الذين أسهموا في تقديم النظرة الاجتماعية الشاملة عن علم المعلومات. وعلى النقيض من الموقف العقلاني السائد، نرى أن أفكار فيرسيج عن النقل والاتصال التي نشرت من 1971 حتى 1973  (113) سعت إلى التصدي لظاهرة المعلومات والسبب الكامن وراء الرغبة في الحصول عليها. وكان فهمه مبنيا على منهج مادي واجتماعي لدراسة علم المعلومات. وتبعا لنظرته فإن للمعلومات معنى بالنسبة إلى من يستقبلها إذ أنها تخفف من حالة اللبس والغموض عنده. وقد قدم فيرسيج مفهوم "الموقف الإشكالي" الذي يرى على أنه حيز أو فراغ المشكلة problem space، لكي يفسر السبب وراء وصول الناس إلى حالة من اللبس والغموض التي ما لم يتم حلها من قبل الأفراد أنفسهم لأدت إلى الرغبة في الحصول على المعلومات. وينظر فيرسيج إلى الحالة إزاء التزامات الفرد ضمن سياق تاريخي مادي.
 

وقد اقترح يورلاند Hjorland كذلك، ولكن من موقع مادي تماما، ما يسمى بالموقف الاجتماعي الهادف social objective position، اقترح فيه معالجة ظاهرة تحليل الموضوع على أنها نشاط ينتج تكشيفا موضوعيا هادفا (114). وهذا الأسلوب مرتبط مباشرة بالمجالات العلمية الخاضعة لمجال محدد حيث لا يستطيع سوى الخبراء في هذا المجال ذاته أن يؤكدوا الحيثية الهادفة  objective aboutness وبالتالي تمثيل وحدات المعلومات. وعلى النقيض من أراء بلير التي مرت (89)، فإن يورلاند يقول إن الموضوعية في تمثيل مجال معين ممكنة. فالموضوعية هي دالة function لطبيعة المنظورات النموذجية الحالية current paradigmatic nature، مثلما هي دالة لنضج المجال. وهكذا نرى أن المجالات العلمية التي تظهر كمنظور نموذجي واحد أو كنماذج قوية وقليلة ستتقبل التكشيف الموضوعي. أما الميادين التي تظهر عددا من المواقف المعرفية والعلمية، ولكنها تكون ما عدا ذلك ناضجة (مثلا علم النفس، وعلم الاجتماع، أي الميادين التي تظهر الأعمال التي تنشر فيها لبسا ثانويا أو لا تظهر أي لبس في ميادين بحوثها) فهي أكثر تعقيدا بالنسبة إلى تمثيلها موضوعيا. وهذا يعتمد على مهارات (الخبير المتخصص في ذلك الميدان)، لأن المواقف العلمية المختلفة بمصطلحاتها الخاصة، يجب أن تهيأ للاسترجاع. وفي المجالات غير الناضجة، نرى أن الموضوعية متعذرة. وهكذا فإن يورلاند يواجه مشكلة تنصب على تمثيله الموضوعي المبني على المادية في مجال معين في بيئة حقيقية، إذ لابد من تعديله تعديلا دوريا وفق التعديلات التي قد تحدث في المنظورات النموذجية paradigmatic shifts في ذلك المجال.

وهناك أمثلة حديثة عن مناهج اجتماعية سلوكية في علم المعلومات قابلة للتطبيق والتأثير على مجالات البحث. فقد اقترح ديرفين Dervin ما يسمى بنظرية صنع المعنى  sense-making التي تبدو على أنها انفصال عن النظرة المعرفية لسلوك المعلومات لكي تشكل نظرة تعتمد على التواصل (16)، وبهذا يمكن فهم المعلومات على أنها رسالة ذات معنى لدى المستقبل. كما اقترح Ellis منهجا سلوكيا كبديل للمواقف المعتمدة على علم النفس والمعرفية والعقلانية (115). وكذلك فقد جدد شامبر  Shamber  وأيزنبرج Eisengerg ونيلان Nilan  مشكلة المطابقة relevance التي تطرح دوما في الميدان (53)، حيث بنوا نظرتهم على آراء وينوجارد  Winogard وفلوريس Flores التأويلية المستمدة من علم الاجتماع حول تصميم النظم (116) والتي سنلخصها فيما يلي.

 

المنهج التأويلي Hermeneutic Approach

 إن التقويم النقدي عند وينوجارد وفلوريس لأساليب التصميم المعرفية والعقلانية من منظور تأويلي (116)، كان له تأثير على الأعمال الحديثة في علم المعلومات. ومع أن ما نشره وينوجارد وفلوريس لا يقترح حلولا جديدة للتصميم قائمة على الأراء التأويلية، بل اقتصر على المستوى التصويري للنقاش، إلا أن الجيل الثاني من المناهج التأويلية، وتمثله كتابات جادامر (117-118) وبعض المفاهيم التي فسرها هايدجر (119)، قد تعطي اسهامات قيمة في علم المعلومات.
 

فبينما جادامر يوحي بتحليل للعمليات التفسيرية المصاحبة للنظرة المعرفية، فإن مناهج هايدجر في المعنى والفهم ذات طبيعة فلسفية عميقة. فمفهوم الدائرة التأويلية (الحلزونية spiral) عند جادامر التي تشمل فكرة "الآفاق" الفردية التي تتلاقى أثناء عمليات التواصل والتفسير، وفكرة الفهم المبدئي التي هي مسؤولة عن استعمال اللغة التي تحرك فهم الفرد - قد تشكل تفسيرا لنقل المعلومات. ويمكن للمرء أن يلاحظ نقاط تشابه معينة قد تكون سطحية بين الافتراضات المسبقة والفهم المسبق وحالة المعرفة والأفق وكذلك المفاهيم الأخرى المتمسكة بالنظرة المعرفية وتأويليات جادامر على التوالي. ولكن على النقيض من النظرة المعرفية، فإن المناهج التأويلية لا تتضمن العناصر المرتبطة بالآلة والأمور التي تهم علم المعلومات. فتبعا لوينوجارد وفلوريس فإن آراء جادامر لا تعطي مجالا للتمثيلات العقلية الموضوعة بين استعمال اللغة والفهم التصوري (الإدراك cognition) لدى الفرد. وبما أن عددا من التمثيلات الديناميكية ذات البنيات والسياقات المتغيرة تؤدي أدوارا مهمة في عمليات التواصل التفاعلية التي تهم البحث في هذا المجال، فإن الدراسات والنظريات المعتمدة على التأويل لم تظهر حتى الآن فرضيات ونظريات مرتبطة بهذه الأمور أو تشمل هذه الأمور. وليس من الصعب على المرء أن يفهم هيكلا ممكنا باستطاعته أن يعطي نظرات في السلوك المعلوماتي للإنسان مكملا لتلك الأراء الشاملة التي تعطيها النظرة المعرفية. ويمكن للمرء أن يفكر في المفاهيم الأساس، مثل الرغبة في الحصول على المعلومات، والحيثية aboutness  وتفسير النصوص خلال أنشطة التكشيف، وفهم اللغة المناسبة والمعلومات والمعنى. والخطوة الهامة التالية بالنسبة إلى البحث المؤسس على استعمال وينوجارد وفلوريس أو على مبدأ التأويل ذاته، هو تطويع هذه الأبحاث المعرفية المنهجيه للتطبيق.
وتبين إسهامات وينوجارد وفلوريس في فهم المعلومات وتصميم النظم بصفة عامة، أن علم المعلومات ما هو إلا واحد من علوم كثيرة قائمة على تقنية المعلومات حيث تدعو الحاجة إلى التوفيق بين مواقف الأبحاث المتباينة. ولكن عملهما لا يقدم إجابة عن المشكلات المعاصرة عن العلاقة بين الإنسان والآلة، ولكنه يشير بدلا عن ذلك إلى مناطق مستقبلية في البحوث والتطوير، وإلى الحاجة إلى مواقف جديدة وتفكير جديد تجاه هذه العملية الحيوية.
 

ومن زاوية مختلفة إلى حد ما، فإن بلير أدخل فيما بعد فلسفة اللغة عند فيتجنشتاين Wittgenstein خاصة فيما يخص النظريات والتمثيلات والتكشيف في البحوث المتعلقة باسترجاع المعلومات (89). وكما رأينا في الآراء التأويلية فإن هذا المنهج يركز على استعمال اللغة من أجل الفهم والإدراك، ولكن في مفهوم بلير يعتمد استعمال اللغة مباشرة على السياق البشري في مواقف معينة human situational contexts. فالمعنى لا يرتبط بتراكيب اللغة ذاتها، ولا بوحدة محددة كما يعتقد الباحثون التقليديون في استرجاع المعلومات.

 

وكما رأينا في الموقف المعرفي، فإن معنى (الوثيقة) يتحدد باستعمال كامل النص والسياق (المقام) في المستوى المعرفي من التواصل. ومن هنا نجد أن بلير يقترح أن على التكشيف أن يدخل في حسابه هذه الرموز أو الشارات semiotics غير المحدودة. وتبعا لذلك، لا يمكن للتكشيف أن يكون موضوعيا. وهكذا نرى أن تمثيلا متعدد الجوانب ضروري لكي يحيط بالأنواع الطبيعية من استعمال اللغة والوثائق. وفي رأيه أن جوانب التكشيف المطبقة على نظام معين يجب ألا تكون بادية للمستفيد، وهذا يوحي بأن استرجاع المعلومات يمكن أن يتم عن طريق التمثيل.

 

الخاتمة

 وأخيرا، فإن علم المعلومات يعتبر مسرحا فلسفيا كاملا كما رأينا فيما يتعلق بعلوم النظم وتقنية المعلومات بأبعادها الإنسانية. وبسبب طبيعة علم المعلومات المتداخلة مع غيره من العلوم، فإنه ينبغي على علم المعلومات ألا يتوافق - حيث أنه لا يمكنه أن يتوافق - مع منظور علمي واحد فقط. فتبعا لطبيعة البحث أو التجربة، فإن على المادة في هذا الحقل أن تدرس من تركيبات مناسبة تضم رؤى عقلانية ومعرفية وسلوكية اجتماعية.

 

وهناك كتابات أخرى هامة في هذا المجال، منها ما يهتم بالمنظورات التأويلية واللغوية والسيكلوجية للمعلومات (120-124)، ومنها ما يهتم بالذكاء والعقل (125)، ومنها ما يتناول المعرفة والإدراك (126-127). كما تعتبر الدوريات التالية لب دراسة علم المعلومات:

 

      ·             Information Processing and Management (United States)
      ·             Journal of American Society of Information Scientists (United States)
      ·             Journal of Documentation (United Kingdom)
      ·             Journal of Information Science (United Kingdom)
      ·             Libri (Denmark)
      ·             Library Quarterly (United States)
 

وهناك دراسات عربية خاصة بتدريس علم المعلومات تتعلق أكثر بمناهج التدريس من واقع خبرات بعض الدول، مثل الصين وفرنسا وتونس (128-132).

 

 -------- 

المراجع

 

1.         Hanson, C. W. The first ten years (1968). The Information Scientist, vol 2, n. 1, 1-2.
2.         Farradane, James (1970). The Institute: the First twelve years. Information Scientists, 4, 143-151.
3.         Cooper, S. P. Who Are We (1974). The Information Scientist, 8 (1), 5-9.
4.         Library Association Centenary (March 1977). The Information Scientist, 11 (1), 1-2.
5.         Heilprin, L. B. (January 1961). On the information problem ahead. American Documentation, 12 (1), 6-14.
6.         Wellisch, Hans (1972). From information science to informatics: A terminological investigation." Journal of Librarianship, 4 (3), 157-187.
7.         Shera, J. H. (1983). Librarianship and information science. In: The Study of Information, edited by F. Machlup and U. Mansfield, (pp. 379-388). New York: Wiley.
8.         Ingwersen, Peter (1995). Information and information science. In: Encyclopedia of Library and Information Science, vol. 56, Suppl. 19 (pp. 137-174). New York: Marcel Dekker, Inc.
9.         Ingwersen, Peter (1992). Information retrieval interaction. London: Taylor Graham.
10.       Griffith, B. C. (1980). Key papers in information science. New York, White Plains: Knowledge Industry.
11.       Cuadra, C. A. (1964). Identifying key contributions to information science, American Documentation 15, 289-295.
12.       Machlup, F. and Mansfield, U. eds. (1983). The Study of Information, New York: Wiley, New York.
13.       Ingwersen, Peter (1992). Information and information science in context. Libri, 42 (2), 99-135.
14.       Saracevic, T. ed. (1970). Introduction to Information Science. New York: Bowker.
15.       Goffman, W. (1970). Theory of communication. In: Introduction to Information Science, (pp.723-747) edited by Saracevic. New York: Bowker.
16.       Dervin, B. and Nilan, M. (1986). Information needs and uses. ARIST, 21, 3-33.
17.       Goffman, W. (1970). Information science: discipline or disappearance Aslib Proceedings, 22, 589-595.
18.       Saunders, W. L. (1978). Guidelines for curriculum development in information studies. Paris: Unesco.
19.       Artandi, S. (1973). Information concepts and their utility. Journal of the Amrican Society of Information Science, 24, 242-5.
20.       Otten, K. W. (1974). BJournal of the American Society of Information Science for a science of information. In: Information science: search for identity. Edited by Debons (pp. 91-106). New York: Marcel Dekker.
21.       Gorn, S. (1983). Informatics (Computer and Information Science): Its ideology, methology, and sociol­gy. In: The Study of Information: Interdisciplinary Messages. Edited by F. Machlup and U. Mansfield, (pp. 121-140). New York: Wiley.
22.       Samuelson, K., Borko, H., and Amy, G. (1977). Information systems and networks. Amesterdam: North-Holland.
23.       Yuexiau, Zhang (1988). Definitions and sciences of information. Information Processing and Management, 24 (4), 479-491.
24.       Brier, S. (1992). Information and consciousness: A critique of the mechanistic concept of information. Cyber. Human Knowing, 1 (2/3), 71-94.
25.       Brookes, B. C. (1975). The fundamental problem of information science. In: Informatics 2. (pp. 42-49). Edited by V. Horsnell. London: Aslib.
26.       Mikhailov, A. I. , Chernyi, A. I., and Giliarevskii, R. S. (1968). Informatics: its scope and methods. In: Theoretical problems of informatics (FID 435). (pp. 7-25). Moscow: VINITI.
27.       Barnes, R. F. (1975). Information and Decision. In: Perspectives in information science. Edited by A. Debons and W. J. Cameron (pp. 105-117). Leyden: Noordhof.
28.       Kuhn, T. S. (1970). The Structures Of Scientific Revolutions. Chicago: University of Chicago Press, 1970. (2nd ed.).
29.       Fairthorne, R. A. (1967). Morphology of Information Flow. Journal of ACM, 14 (4), 710-719.
30.       Shera, J. H. (1983). Librarianship and information science. In: The Study of Information. Edited by F. Machlup and U. Mansfield (379-388). New York: Wiley.
31.       Kochen, M. (1983). Library science and information science. In: The Study of Information, Edited by F. Machlup and U. Mansfield (pp. 371-377). New York: Wiley.
32.       Debons, Anthony (1980). Foundations of information science. In: Theory and Application of Infornation Research, (pp. 75-81). Edited by O. Harbo et al. London: Mansell.
33.       Otten, Klaus & Debons, Anthony (1970). Towards a metascience of information: informatology. Journal of American Society of Information Science, 21 (1),  89-94.
34.       Goffman, W. (1970). Information science: discipline or disappearance Aslib Proceedings, 22, 589-595.
35.       Debons, A. (1974). Information science: search for identity. New York, NY: Dekker.
36.       Debons, A. & Cameron, W. (eds.) (1975).  Perspectives of information science. Leyden: Nordhoff.
37.       Fairthorne, R. A. (1975). Information: one label, several bottles. In: Perspectives of information Science. Edited by A. Debons & W. Cameron (pp. 65-73). Leyden: Nordhoff.
38.       Farradane, J. (1976). Towards a true information science. Information Scientist, 10, 91-101.
39.       Belkin, N. J. (1978). Information concepts for information science. Journal of  Documentation, 34 (1), 55-85.
40.       Ingwersen, Peter (1994). The human approach to information science and management. Journal of Information Science, 20 (3) 197-208.
41.       Wapples, D. (1932). The relation of subject interest to actual reading. Library Quarterly, 2, 42-70.
42.       Mackey, D. M. (1960) What makes the question. The Listener, 63, 789-790.
43.       Taylor, R. S. (1968). Question negotiation and information seeking in libraries. College & Research  Libraries, 29, 178-194.
44.       Ranganathan, S. R. (1957). The five laws of library science, rev. ed. Madras, India: Madras Library Association.
45.       Bliss, H. E. (1929). The Organization of knowledge and the system of science. New York: Holt.
46.       Ranganathan, S. R. (1952). COLON Classification. Madras, India: Madras Library Association.
47.       Bradford, S. C. (1934). Sources of Information on Specific Subjects. Engineering, 137, 85-86.
48.       Lotka, A. J. (1926). The frequency distribution of scientific productivity." Journal of Washington Academy of  Science, 16, 317-323.
49.       Zipf, G. K. (1932). Selected studies of the principle of relative frequencies of language. Cambridge, Mass.: Cambridge University Press.
50.       Ellis, D. (1990). New Horizons in Information Retrieval. London: Library Association.
51.       Lancaster, F. W. (1968). Evaluation of the Medlars Demand Service. Bethesda. Md.: National Library of Medicine.
52.       Schamber, L, Eisenbcrg, M. and Nilan, M. (1990). A re-examination of relevance: toward a dynamic, situational definition, (pp. 755-776). Information Processing & Management, 26 (6).
53.       Saracevic, T. and Su, L. "Modelling and measuring user-intermediary-computer interaction in online searching: design of a study, (pp. 75-80). Journal of the American Society of Information Science., 26.
54.       Saracevic, Tefko. (1992). Information Science: Origin, Evolution and Relations. In: Conceptions of Library and Information Science: Historical, Empirical and Theoretical Perspectives. (pp. 5-27). Edited by P. Vakkari and B. Cronin. London: Taylor Graham, London.
55.       Meadows, A. J. (1990). Theory in Information Science. (pp. 59-63). Journal of  Information  Science, 16.
56.       Buckland, M. (1991). Information and Information Systems. London: Praeger.
57.       Vickery, B. C. and Vickery, A. (1987). Information Science in Theory and Practice. London: Butterworth.
58.       Buckland, M. (1991). Information and Information Systems. London: Praeger, London.
59.       Tague-Sutcliffe, T. (1992). An introduction to informetrics. Information Processing and Management, 28. 1-4.
60.       Garfield, E. (1979). Citation indexing: its theory and application in science, technology and humanities, New York: Wiley. Reprinted by ISI Press, 1983.
61.       Price, D. de Solla. (1963). Little Science, Big Science. New York: Columbia University Press.
62.       Cronin, B. (1984). The Citation Process: The Role and Significance of Citations in Scientific Communication. London: Taylor Graham.
63.       Lancaster, F. W. and Lee, Ja-Lih. (1985). Bibliometric techniques applied to issues management: a case study. Journal of American Society of Information Science, 36 (6), 389-397.
64.       J rvelin, K. and Repo, A. J. (1982). Knowledge work augmentation and human information seeking.  Journal of Information Science, 5, 79-86.
65.       Kuhlthau, C. C. (1993). Seeking Meaning: A Process Approach to Library and Information Services, Norwood, N.J.: Ablex.
66.       Ellis, D. (1989). A behavioural approach to information retrieval system design. Journal of Documentation, 45 (3), 171-212.
67.       Vakkari, P. (1991). Social structure, book reading and the function of public libraries. In: Studies in Research in Reading and Libraries. (pp.259-281). London: Saur.
68.       Kuhlthau, C. C. (1993). Seeking Meaning: A Process Approach to Library and Information Services. Norwood, N.J.: Ablex.
69.       Ellis, D. (1992). The physical and cognitive paradigms in information retrieval research." Journal of Documentation, 48, 45-64.
70.       Ingwersen, P. (1993). The cognitive viewpoint in IR.  Journal of Documentation, 49 (1), 60-64.
71.       Salton,G.  (1968). Automatic Information Organization and Retrieval, New York: McGraw-Hill.
72.       Salton, G. and McGill, I. M. (1983). Introduction to Modern Information Retrieval, New York: McGraw-Hill.
73.       Robertson, S. E. (1977). The probability ranking principle in IR. Journal of Documentation, 33 (4), 294-304.
74.        Willett, P. (1984). A note on the use of nearest neighbors for implementing single linkage document classifications. Journal of the American Society of Information Science, 35 (3), 149-152.
75.       Willett, P. (1988). Recent trends in hierarchic document clustering: a critical review. Information Processing & Management, 24 (5), 577-597.
76.       Jones, K. Sparck. (1979). Problems in the representation of meaning in information retrieval. In: The Analysis of Meaning, Informatics 5. (pp. 193-201) London: Aslib.
77.        Smeaton, A. F. (1992). Progress in the application of natural language processing to information retrieval tasks. Computer Journal, 35 (3), 268-278.
78.        Smeaton, A. F.  and van Rijsbergen, K. (1988). Experiments on incorporating syntactic processing of user queries into a document retrieval strategy. In: ACM/SIGIR conf. proc. Edited by Y. Chiaramella. (pp. 31-52). Grenoble, France: Press Universitaires de Grenoble.
79.       Belkin, N. J. and Croft, W. B. (1987). Retrieval techniques. ARIST, 22, 109-145.
80.       Harman, D. (1993). Overview of the First TREC Conference. In: ACM/SIGIR conf. proc. Edited by R. Korfhage, E. Rasmussen, and P. Willett. (pp. 36-47). New York: ACM Press.
81.       Callan, J. P. and Croft, B. W. (1993). An evaluation of query processing strategies using the TIPSTER collection. In: ACM/SIGIR conf. proc. Edited by R. Korfhage, E. Rasmussen, and P. Willett. (pp. 347-355). New York: ACM Press.
82.       Hancock-Beaulieu, M. (1992). Query expansion: advances in research in online catalogues.  Journal of Information  Science, 18, 99-103.
83.       Saracevic, T. and Su, L. (1989). Modelling and measuring user-intermediary-computer interaction in online searching: design of a study. American Society of Information Science Processing, 26, 75-80.
84.       Ingwersen, P. (1982). Search procedures in the library analysed from the cognitive point of view.  Journal of Documentation, 38, 165-191.
85.       Pejtersen, A. M. (1980). Design of a classification scheme for fiction. In: Theory and Application in Information Research. Edited by 0. Harbo et al. London: Mansell.
86.       Belkin, N., Brooks, H. and Daniels, P. (1987). Knowledge elicitation using discourse analysis." Intenational Journal of Man-Machine Studies, 27, 127-144.
87.       C. T. Meadow. (1988). OAKDEC: A Program for Studying the Effects on Users of a Procedural Expert for Database Searching. Information Processing & Management, 24 (4), 449-457.
88.       Hutchins, W. J. (1978). The concept of 'Aboutness' in subject indexing. Aslib. Procceedings, 30 (5), 172-181.
89.       Blair, D. C. (1990). Language and Representation in Information RetrievaI. Oxford, U.K.: Elsevier.
90.       Brooks, H. (1987). Expert systems and intelligent information retrieval. Information Processing & Management, 23 (4), 367-382.
91.       Jones, K. Sparck (1987). Architecture Problems in the Construction of Expert Systems for Document Retrieval" In: Knowledge Engineering, (pp. 34-52). Edited by I. Wormell. London: Taylor Graham, reprinted 1988.
92.       van Rijsbergen, C. J. (1990). The science of information retrieval: its methodology and logic. In:  Conf. Informatienvetenschap in Nederland. (pp. 20-38). Haag, Holland: Rabin.
93.       Jones, K. Sparck. (1989). Retrieving information or answering questions: The 8th British Library Annual Research Lecture. London: British Library, (BLRD/c/130).
94.       Marchand, D. (1990). Managing information quality," In: Information Quality: Definitions and Dimensions. Edited by I. Wormell. (pp. 7-17). London: Taylor Graham.
95.       Johannsen, C. G. (1992). The Use of quality control principles and methods in library and information science theory and practice. Libri, 42, 283-295.
96.       Burch, J. G. and Grudnitski, G. (1989). Information Systems: Theory aud Practice. New York: Wiley.
97.       Rasmussen, J., Pejtersen, A. Mark, and Goodstein, L. P. (1992). Cognitive Engineering: Design Concepts and Applications. London: Wiley.
98.       Wood-Harper, A. T., Antill, L. Avison, D. E. (1985).  Information Systems Definition: The Multiview Approach. London: Blackwell.
99.       Kemp, D. A. (1988). Computer-based Knowledge Retrieval. London: Aslib.
100.     Meyhew, D. (1992). Principles and Guidelines in Software User Interface Design. Englewood Cliffs, N.J.: Prentice-Hall.
101.     Willitts, J. (1992). Database Design and Construction, London: Library Association.
102.     Shannon, C. E. and Weaver, W. (1949). The Mathematical Theory of Communication. Urbana: University of Illinois Press, Urbana.
103.     Lynch, M. F (1976). Variety Generation: A Reinterpretation of Shannon's Mathematical Theory of Communication, and Its Implications for Information Science. Sheffield, U.K.: School of Library and Information Science.
104.     Brookes, B. C. (1977). The Developing cognitive viewpoint in information science. In: CC 77: Int. Workshop on the Cognitive Viewpoint. (pp. 195-203). Edited by M. De Mey. Ghent, Belgium: Ghent University.
105.     Brookes, B. C. (1980). The foundations of information science: Part 1: Philosophical Aspects. Journal of Information Science, 2, 125-133.
106.     Belkin, N., Oddy, R. and Brooks, H. (982). ASK for Information Retrieval." Jornal of  Documentation, 38, 61-71 (part 1); 145-164 (part 2).
107.     De Mey, M. (1977). The Cognitive viewpoint: its development and its scope. In: CC 77: Int. Workshop on the Cognitive Viewpoint. (pp. xvi-xxxii). Edited by M. De Mey. Ghent, Belgium: Ghent University.
108.     Ingwersen, P. (1984). A Cognitive View of Three Selected Online Search Facilities. Online Rev., 8(5), 465-492.
109.     Ingwersen, P. Cognitive Analysis and the Role of the Intermediary of Information Retrieval. In: Intelligent Information Systems, (pp. 206-237). Edited by R. Davies. U.K.: Horwood, Chichester.
110.     Johnson-Laird, P. N. (1988). The Computer and the Mind, Cambridge, Mass.: Harvard University Press,.
111.     Searle, J. R. (1984). Minds, Brains and Science, Cambridge, Mass.: Harvard University Press.
112.     Brookes, B. C. (1977). The developing cognitive viewpoint in information science. In: CC 77: Int. Workshop on the Cognitive Viewpoint. (pp. 195-203) Edited by M. De Mey. Ghent, Belgium: Ghent University.
113.     Wersig, G. and Neveling, V. (1975). The Phenomena of interest to information science. The Information Scientist, 9, 127-140.
114.     Hjorland, B. (1992). The Concept of 'Subject' in information science.  Journal of  Documentation, 48 (2), 172-200.
115.     Ellis, D. (1989). A behavioural approach to information retrieval system design. Journal of Documentation, 45 (3), 171-212.
116.     Winograd, T. and Flores, C. F. (1986/87). Understanding Computers and Cognition, Norwood, N.J.: Addison-Wesley.
117.     Gadamer, H. G. (1975). Truth and method, New York: Seabury Press.
118.     Gadamer, H. G. (1976). Philosophical hermeneutics. Berkely: University of California Press.
119.     Heidegger, M. (1962). Being and time. New York: Harper & Row.
120.     Harter, S. (1992). Psychological relevance and information science. Journal Of The American Society Of Information Science, 43 (3), 602-615.
121.     Hoel, I. A. (1992). Information science and hermeneutics: should information science be interpreted as a historical and humanistic science " In: Conceptions of Library and Information Science, Proc. of the First CoLIS Conf., Tampere, Finland, Aug.1991. (pp. 69-81). Edited by P. Vakkari and B. Cronin. Taylor Graham, London, 1992.
122.     Martyn, J. and Lancaster, F. W. (1981).  Investigative Methods In Library And Information Science. Arlington: Information Resources Press.
123.     Neill, S. (1992). Dilemmas in the Study of Information: Exploring the Boundaries of Information Science. Westport, Conn.: Greenwood Press.
124.     Sparck Jones, K. and Key, M. (1973). Linguistics and Information Science. London: Academic Press.
125.     Fischler, M. and Firschein, O. (1987). Intelligence: The Eye, the Brain and the Computer. Amsterdam: Addison-Wesley.
126.     Gardner, H., The Minds New Science: A History of the Cognitive Revolution, Basic Books, New York, 1987.
127.     Shank, R. C. and Abelson, R. P, Scripts, Plans, Goals, and Understanding: An Inquiry into Human Knowledge Structures, Erlhaum, Hillsdale, N.Y., 1977.

 

128.   أحمد الكسيبي. تطور تكنولوجيا المعلومات وواقع تدريس علوم المعلومات في تونس. (يناير 1995). الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات.  المجلد الثاني، العدد الثالث. 168-205.
129.   ناريمان اسماعيل متولي. التطورات الحديثة في تعليم المهنيين في المعلومات بفرنسا. (يناير 1995). الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات. المجلد الثالث، العدد الثاني. 146-167.
130.   ناريمان اسماعيل متولي. تعليم علوم المكتبات والمعلومات بجمهورية الصين الشعبية. (يولية 1996). الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات. المجلد الثالث، العدد السادس. 107-122.
131.      المجلة المغربية للتوثيق (1984). عدد خاص عن تدريس علم المكتبات والأرشيف والمعلومات. تونس، المعهد الأعلى للتوثيق.
132.   المجلة العربية للمعلومات. (1983). عدد خاص عن تدريس علم المكتبات والمعلومات في الوطن العربي. تونس، إدارة التوثيق والمعلومات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. المجلد الثالث، العدد الثاني.
133.   عبد الرحمن أحمد عبد الهادي فراج. المصاحبة الوراقية ودورها في دراسة بنية التخصصات العلمية وارتباطاتها وتطورها (يناير 1996). الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات. المجلد الثالث، العدد الثاني. 164-177.
134.   زين عبد الهادي وإجلال بهجت (يناير 1994). تسويق الخدمات المكتبية وخدمات المعلومات في المكتبات ومراكز المعلومات - مدخل نظري -. الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات. المجلد الأول، العدد الأول. 92-106